انطلاق الدورة الـ23 للمجمع الفقهي الإسلامي برابطة العالم الإسلامي في الرياض

22-04-2024  آخر تحديث   | 21-04-2024 نشر في   |  M Alam      بواسطة | آواز دي وايس 
جانب من أعمال الدورة الثالثة والعشرين للمجمع الفقهي الإسلامي في الرياض
جانب من أعمال الدورة الثالثة والعشرين للمجمع الفقهي الإسلامي في الرياض

 

الرياض

انطلقت أعمال الدورة الثالثة والعشرين للمجمع الفقهي الإسلامي برابطة العالم الإسلامي، يوم السبت، في الرياض عاصمة المملكة العربية السعودية، تحت مظلة المجمع الفقهي الإسلامي برئاسة المفتي العام للمملكة، رئيس هيئة كبار العلماء، رئيس مجلس المجمع الفقهي، الشيخ عبد العزيز بن عبد الله آل الشيخ، بحضور مفتي العالم الإسلامي وكبار علمائه وكبار فقهاء الأمة الإسلامية.

وسيناقش، خلال هذه الدورة، كبار المفتين والعلماء والباحثين، القادمين من الدول الإسلامية ودول الأقليات، عددًا من القضايا المعاصِرة، لإصدار قرارات فقهية حِيالَها، ثم ترجمة تلك القرارت مع التوصيات إلى عدَّة لغات عالمية، ونشرها في وسائل الاعلام، إذ يُعنى "المجمع الفقهي الإسلامي" ببيان الأحكام الشرعيَّة التي تُواجِه المسلمين من مشكلات ونوازل، وإبراز إبداع الفقه الإسلامي، إضافةً إلى نشر التُراث الفقهي الإسلامي وتوضيح مصطلحاته بلغة العصر.

ولقد استهلت الجلسة الافتتاحية للدورة أعمالها بكلمة ألقاها المفتي العام للمملكة العربية السعودية، أكد فيها أن "الفقه الإسلامي بما يشتمل عليه من الأصول العامَّة، والقواعد الكلية، والثروة الضخمة من الفروع الفقهية، والفتاوى، والبحوث في مختلف الموضوعات التي أورثها الأسلاف، من شأنه أن يثمر لدى المتضلِّع منه من فقهاء عصرنا مرونةً واسعة وأفقًا رحبًا في النظر إلى واقع أمته، وما يستجد فيه من قضايا ونوازل، ويمنحه قدرة على دراستها وفهمها ومعالجتها من الوجهة الشرعية، ليرفع بذلك الحرج والمشقة عن بني جنسه".

وشدَّد المفتي العام على "أن المسؤولية على علماء الشريعة وفقهاء الإسلام أصبحت اليوم مضاعفة في ظل تطور تقنية المعلومات، ووسائل الاتصال الحديثة، وانتشار البث الفضائي ومواقع التواصل التقني والمعلوماتي، موضحًا أن المسائل الشرعية والأحكام الفقهية تواجه تحديات كبرى؛ تحتاجُ معها من أهل التخصص إلى جهود نوعية من البحوث الدقيقة والدراسات القويمة، تقدم حلولاً ومعالجات للمستجدات والمشكلات التي مسَّت الأفراد والمجتمعات، وتضبط ممارستها ونشرها، وترشد إلى توظيف التقنية الحديثة في التعاون والتنسيق بين جهات الإفتاء المختلفة من الأفراد والهيئات والمجامع".

ودعا سماحته إلى بذل المزيد من الجهود في إطلاق البرامج الهادفة، والمبادرات النافعة، التي تساعد في التنسيق والتعاون المثمر بين الفقهاء والمفتين، والهيئات الشرعية، والمجامع الفقهية، في تناول المسائل الشرعية ودراسة النوازل المعاصرة والأحكام المستجدة، وفق اجتهاد جماعي في إطار مؤسسي معتمد موثوق، يقرِّب الرأي، ويُضيِّق من شقة الاختلاف، ويراعي مصالح الجميع، بما يحقق للشعوب المسلمة الحياة الهنيئة السعيدة، ويخدم قضاياها ويحل مشكلاتها، ويعزز للمجتمعات والأوطان طمأنينتها واستقرارها.

وفي ختام كلمته أعرب المفتي العام، باسم رابطة العالم الإسلامي والمفتين والفقهاء والعلماء والباحثين المشاركين في هذه الدورة، عن جزيل الشكر لخادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز آل سعود، وولي العهد رئيس مجلس الوزراء السعودي الأمير محمد بن سلمان بن عبد العزيز آل سعود على ما يبذلانه من جهود مشكورة موفقة في خدمة الحرمين الشريفين وقاصديهما، والدعم السخي للعلم والعلماء، والعناية بكل ما يخدم مصالح المسلمين في العالم، ويحقق السعادة والاستقرار لهم، داعيًا الله عز وجل أن يديم عليهما الصحة والعافية، ويحفظهما ذخرًا للإسلام والمسلمين.

كما تقدم بكلمات الشكر لرابطة العالم الإسلامي بقيادة أمينها العام، على المساعي المتواصلة في خدمة الشعوب الإسلامية وجمع كلمتهم على هدي الكتاب والسنة، وبيان منهج الإسلام الصحيح فيما يتصل بأمور دينهم ودنياهم.

ومن جانبه قال الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي رئيس هيئة علماء المسلمين نائب رئيس المجمع الفقهي الإسلامي الشيخ الدكتور محمد بن عبد الكريم العيسى في كلمته إلى أن الدورة الثالثة والعشرين لمجلس المجمع تستعرض عددًا من المسائل الشرعية المستجدة التي يختص بالنظر فيها، مسبوقةً باستطلاعات بحثية أكاديمية متعمقة، قام بها باحثون متميزون.

وأكد الدكتور العيسى أنَّ "تصدي كبار فقهاء الأمة الإسلامية لتلك المستجدَّات يُحْسَبُ في طليعة واجباتهم العلمية، وعلى قدر بذل الوسع في البحث والدراسة والاجتهاد في إيضاح حكمها الفقهي، على قدر ما نضطلع بواجبنا الشرعي تجاه ديننا بعامة، وتجاه ما حُمِّلنا من أمانة العلم بخاصّة، وكذلك تجاه ما يجب من إبراز قدرة فقهنا الإسلامي على التصدي لكافَّة المستجدات أيًّا كانت".

وأشار الدكتور العيسى إلى "أن المجمع الفقهي الإسلامي يتميز  بأنه أقدم مجمع فقهي في التاريخ الإسلامي، وأن الانتسابَ إليه يُراعَى فيه الوزن العلمي المجرَّد، مع تقدير الوصف الرسمي المصاحب لأصحاب السماحة والفضيلة والمعالي، مشددًا على أن المجمع حظي، بحمد الله، عبر تاريخه الطويل بثقة شعوب العالم الإسلامي بعامة ومؤسساته الأكاديمية والبحثية بخاصة، وأصبحت فتاواه وبياناته وعموم إسهاماته العلمية محلَّ الحفاوة والاهتمام والتداول".

وبدوره أكّد الأمين العام لمنظمة التعاون الإسلامي حسين إبراهيم طه "أن هذه الدورة تُعقَدُ في فترة حرجة يمرُّ بها عالمنا الإسلامي، مليئةً بالتحديات الفكرية والسياسية العميقة، معتبرًا أن استضافة المملكة العربية السعودية لهذا الاجتماع المهم، بمشاركة أصحاب السماحة والفضيلة والمعالي، رؤساء هيئات كبار العلماء والمفتين في العالم الإسلامي، يؤكد مكانتها باعتبارها فاعلًا حقيقيًّا في دعم التوجهات الإيجابية لأمتنا، والعمل على نهضتها وحمايتها من كل الأخطار المحدقة بها".

ولفت السيد طه النظر إلى "أن الاجتهاد المعاصر ضرورة ملحة لبقاء الأمة الإسلامية في مسار الأحداث الفكرية والثقافية والاقتصادية التي يشهدها العالم، مشدِّدًا على أن اجتماع كبار العلماء والمفتين من كافة الدول الإسلامية، على اختلاف مذاهبهم وأعراقهم على صعيد واحد، هو اجتماع لكلمة المسلمين وتوحيد لجهودهم في خدمة دينهم".

كما ثمَّن السيد طه "الجهود الحثيثة لرابطة العالم الإسلامي بكافة مؤسساتها وأذرعها، وعلى رأسها المجْمع الفقهي الإسلامي، هذه الهيئة العلمية الإسلامية المستقلة والمكونة من مجموعة مختارة من فقهاء الأمة الإسلامية وعلمائها، وما تضطلع به من دور مهم في تبيان الأحكام الشرعية، فيما يواجه المسلمين في أنحاء العالم، من مشكلات ونوازل وقضايا مستجدة، ونشر التراث الفقهي الإسلامي، وتوضيح مصطلحاته، وتشجيع البحث العلمي في مجالات الفقه الإسلامي إضافةً إلى التصدي لما يثار من شبهات وما يرد من إشكالات على أحكام الشريعة الإسلامية".

ومن جانبه، قال رئيس مجمع الفقه الاسلامي الدولي، إمام وخطيب المسجد الحرام، عضو هيئة كبار العلماء، المستشار في الديوان الملكي، عضو المجمع الفقهي الإسلامي، الشيخ الدكتور صالح بن عبد الله بن حميد: إنَّ العلماء بفضل ما منحهم الله من علم وحكمة، أهلٌ لأن يرسِّخوا في الأمة قيم الوحدة والتعاون والتكافل والاعتزاز بالثوابت، ويُجنِّبوها خطر الفرْقة والتشتت والتنازع، مؤكّدًا أنه ليس للأمة طريق يعيد إليها قوتها ومهابتها ومكانتها سوى الالتزام بقوله عزَّ شأنه: ((واعتصموا بحبل الله جميعاً ولا تفرَّقوا)).

وشدد الدكتور صالح على "أن الأمة ستتخلص من كل الأدواء، إذا استبدلت الفرقة والاختلاف بالتعاون والتآلف، والتعصب والتشدد بالحكمة والتسامح، والعنف والإرهاب بالترفق والتراحم، والغلو والتطرف والانحلال بالاعتدال والوسطية".

وذكر الدكتور صالح أن الموضوعات التي تناقشها الهيئات والمجامع تتنوع ما بين السياسة الشرعية والأسرية والطبية والاقتصادية والمالية والفكرية، وكلُّها تهمُّ الأمة، وتُكْتَبُ فيها بحوثٌ قيمة تناقشها في دوراتها ولجانها وورش عملها.

اقرأ أيضًا: الشراكة الاستراتيجية بين الهند والسعودية

وبالمناسبة، قال الأمين العام لمجمع الفقه الإسلامي الدولي التابع لمنظمة التعاون الإسلامي، الدكتور قطب مصطفى سانو: "إننا مطالبون جميعًا بالعمل على توحيد الأحكام في البلاد الإسلامية في كل شؤون الحياة، على مقتضى أحكام الشريعة الإسلامية، وذلك هو السبيل الأوحد لتحقيق الوحدة الإسلامية بين الشعوب الإسلامية".

وأضاف سانو أن الأمل معقود أن تشهد الأيام القادمة تعاونًا وثيقًا ومشاركة متواصلة سواءً على مستوى تنظيم المؤتمرات والندوات المشتركة، أم على مستوى دراسة النوازل والمستجدات التي تهم المسلمين في جميع أرجاء المعمورة.

وتجدر الإشارة إلى أن أعمال الدورة ستستمر حتى يوم الإثنين 22 أبريل الجاري، تقام خلالها عدد من الجلسات العلمية التي تناقش مجموعة من القضايا والنوازل الفقهية المعاصرة، وستصدر عنها قرارات وبيانات بشأن هذه القضايا تلبية لحاجة الأمة الإسلامية إلى معالجة اجتهادية موثوقة لما ينزل بها من قضايا ومستجدات، بحسب تقرير نشرته رابطة العالم الإسلامي على موقعها الإلكتروني.