دكا
قُتل ما يصل إلى 91 شخصًا، من بينهم ضباط شرطة، وأصيب العشرات في جولة جديدة من أعمال العنف هزت بنغلاديش، يوم الأحد، عندما أطلقت الشرطة البنجلاديشية الغاز المسيل للدموع والرصاص المطاطي لتفريق عشرات الآلاف من المتظاهرين الذين عادوا إلى الشوارع للمطالبة باستقالة رئيسة الوزراء الشيخة حسينة.
وأعلنت حكومة بنغلاديش حظر التجول في أنحاء البلاد إلى أجل غير مسمى ابتداء من الساعة السادسة مساء الأحد (12:00 بتوقيت غرينتش)، وهي المرة الأولى التي تتخذ فيها الحكومة مثل هذه الخطوة خلال الاحتجاجات الحالية التي بدأت الشهر الماضي، كما أعلنت عطلة عامة لمدة 3 أيام بدءًا من اليوم الإثنين.
واستهدف المحتجون مراكز للشرطة ومقارا للحزب الحاكم، وسط أعمال عنف بأنحاء البلاد التي يبلغ عدد سكانها 170 مليون نسمة.
ويطالب المتظاهرون باستقالة حسينة بعد احتجاجات سابقة بدأت بدعوة طلابية لإنهاء نظام الحصص في الوظائف الحكومية، وتحولت إلى أعمال عنف وأسفرت عن مقتل 200 شخص. وتم اعتقال ما لا يقل عن 11 ألف شخص في الأسابيع الأخيرة.
وقالت الشيخة حسينة بعد اجتماع للجنة الأمن القومي بحضور قادة الجيش والشرطة والجهات المعنية الأخرى "أولئك الذين يحتجون في الشوارع الآن ليسوا طلابا، ولكنهم مجرمون يريدون زعزعة استقرار البلاد".
وتم الإبلاغ عن حالات وفاة في 11 منطقة على الأقل، بما فيها مناطق بوجورا وماجورا ورانغبور وسراج غانج، حيث اشتبك المتظاهرون، المدعومون من حزب المعارضة الرئيس، الحزب الوطني البنغلاديشي، مع الشرطة ونشطاء حزب "رابطة عوامي" الحاكم، والهيئات المرتبطة بها.
وقالت برابتي تابوشي، وهي ناشطة طلابية شهدت اشتباكات مع الشرطة، إن الشرطة تخوض معارك مع المتظاهرين.
وأضافت: "أنا في الشارع الآن، وأستطيع أن أرى الكثير من الناس هنا. هذا ليس مجرد احتجاج طلابي أو "احتجاج على الحصص".
ودعا المتظاهرون إلى "عدم التعاون"، وحثّوا الناس على عدم دفع الضرائب وفواتير مرافق الخدمات وعدم الحضور للعمل يوم الأحد، وهو يوم عمل في بنغلاديش. وفتحت المكاتب والبنوك والمصانع أبوابها، ولكن الناس في دكا والمدن الأخرى واجهوا مشاكل في الوصول إلى أماكن عملهم.
وقال منسق الحركة الطلابية المناهضة للتمييز إن "مسيرة احتجاج إلى دكا" تم تأجيلها أيضًا من الثلاثاء إلى الإثنين.
وقال المنسق آصف محمود "هذا يعني أننا نحث الطلاب والجمهور في جميع أنحاء البلاد على بدء رحلتهم إلى دكا غدًا لمحاصرة المدينة".
وفي الوقت نفسه، أعلنت حكومة بنغلاديش عطلة من الإثنين إلى الأربعاء. وستبقى المحاكم مغلقة لأجل غير مسمى. كما أغلقت المدارس والجامعات في جميع أنحاء البلاد.
وقالت شركات تشغيل شبكات الهواتف المحمولة إن الحكومة عطلت -للمرة الثانية خلال الاحتجاجات في الآونة الأخيرة- خدمات الإنترنت عالية السرعة، ولم يعد متاحا استخدام منصتي فيسبوك وواتساب حتى عبر خدمات النطاق العريض.
وقال وزير الدولة للإعلام والإذاعة في بنغلاديش محمد علي عرفات إن خدمات الإنترنت والرسائل عبر الهاتف المحمول توقفت للمساعدة في منع أعمال العنف.
وقال عرفات "إن هؤلاء الأوغاد هاجموا نشطاءنا وقادتنا وأطلقوا العنان للعنف"، مضيفًا أن الحكومة "اختارت دائمًا الحل السلمي" و"لم ترغب أبدًا في العنف".
وبدأت الاحتجاجات الدامية الشهر الماضي عندما طالب الطلاب بإنهاء نظام الحصص، وبموجب النظام، تم تخصيص 30% من الوظائف الحكومية لأقارب المحاربين القدامى الذين قاتلوا في حرب انفصال بنغلاديش عن باكستان عام 1971م.
وعندما احتدمت أعمال العنف، قلصت المحكمة العليا في البلاد نظام الحصص إلى 5 في المئة من الوظائف، و3 في المئة لأقارب المحاربين القدامى. ولكن على الرغم من ذلك، استمرت الاحتجاجات للمطالبة بالمساءلة عن أعمال العنف التي ألقى المتظاهرون باللوم فيها على استخدام الحكومة للقوة المفرطة.
وتعد الاضطرابات المستمرة، التي دفعت الحكومةَ إلى إغلاق خدمات الإنترنت، أكبر اختبار لرئيسة الوزراء الشيخة حسينة منذ الاحتجاجات الدامية التي أعقبت فوزها بولاية رابعة على التوالي في المنصب، عقب انتخابات تمت في يناير وقاطعها الحزب الوطني البنغلاديشي، وهو حزب المعارضة الرئيس في البلاد.
اقرأ أيضًا: دولة الإمارات وآندهرا براديش تستكشفان الفرص الاقتصادية والاستثمارية
واتهم معارضون، إلى جانب جماعات لحقوق الإنسان، حكومة الشيخة حسينة باستخدام القوة المفرطة لإخماد الحراك، وهو ما تنفيه رئيسة الوزراء وحكومتها.
وقال ظهير الإسلام، وهو عامل بمطعم في دكا "نريد أن تستقيل الحكومة"، بينما قال المحلل السياسي المقيم في دكا، زاهد الرحمن، إنه من غير المرجح أن تستقيل الحكومة "دون إراقة دماء".
وأضاف زاهد الرحمن: "خلال اليومين الماضيين، خرجت مسيرات احتجاجية سلمية في جميع أنحاء البلاد تطالب باستقالة الحكومة"، موضحًا أن الاحتجاجات كانت سلمية بسبب غياب نشطاء "رابطة عوامي" عن الشوارع، ولكن بمجرد توجه نشطاء الحزب الحاكم إلى مواجهة المتظاهرين، "فإنهم يستخدمون الأسلحة والعنف لقمع انتفاضة شعبية أمام العالم أجمع".