عامر سهيل واني
يركّز الإسلام بشدة على السلام والوئام والأخوة، ويعترف بها باعتبارها أساسية للوجود الإنساني والتطور الاجتماعي. فإن السلام ليس مجرد غياب الصراع ولكنه يدل على حالة من الاستقرار الاجتماعي والاقتصادي والسياسي الذي يعزّز التنمية والازدهار والسعادة للأفراد والمجتمعات على حد سواء.
وفي هذا السياق، تُعتبر الأيديولوجيات التي تعطّل السلام ضارة بالبشرية، وتعوق الرخاء العالمي. ولقد ظهر الإسلام وسط خلفية من الحروب المستمرة والاضطرابات الاجتماعية في شبه الجزيرة العربية قبل الإسلام، وجلب رسالة تحويلية للسلام والمحبة والتعايش.
اتسمت شبه الجزيرة العربية قبل الإسلام بالمعارك الدائمة والأخذ بالثأر والظلم الاجتماعي، حيث تم استغلال الضعفاء من قبل الأقوياء، وعاشت الفئات الضعيفة في خوف دائم. ولقد تحدى الإسلام هذا النموذج، فدافع عن قدسية الحياة كلها وكرامة كل فرد، بغض النظر عن خلفيته.
ولقد شهدت السنوات الأولى للإسلام تحولاً ملحوظًا في شبه الجزيرة العربية، حيث حلت رسالة السلام محل ثقافة العنف والصراع. وإن المبدأ الأساسي للإسلام يكمن في معاملة كل شخص باحترام وكرامة، مما يعكس التزامه بالسلام والوئام.
وتتجلى أهمية السلام في الإسلام في اسمه ذاته الذي يعني "السلام". والتحيات الإسلامية، مثل "السلام عليكم ورحمة الله وبركاته" تؤكد هذه الروح الموجهة نحو السلام. وعلاوة على ذلك، يبدأ القرآن بآيات تتسم برحمة الله وعطفه، وتسلّط الضوء على أهمية السلام والتعايش واللطف تجاه جميع الكائنات.
وبينما واجه الإسلام حروبًا دفاعية في مراحله المبكرة، فقد أعطى الأولوية للحفاظ على الأرواح والممتلكات، مع توجيهات واضحة من النبي محمد صلّى الله عليه وسلّم لتجنب إيذاء غير المقاتلين وتقليل الدمار.
وتجسد تعاليم النبي محمد تأكيد الإسلام على السلام والمصالحة، حتى في مواجهة الشدائد. وأصدر تعليماته لأتباعه بإعطاء الأولوية للسلام والأمان، والعفو عن الأعداء والسعي لنزع فتيل الصراعات. وإن صلح الحديبية شهادة على التزام الإسلام بالسلام، وتجاوز المصالح الشخصية من أجل الصالح العام. وتؤكد الآيات القرآنية والأحاديث النبوية على فضائل التواضع والحلم والرد على الجهل بالسلام، وأهمية التعايش السلمي.
وفي حين، أدّت الانحرافات عن هذه التعاليم إلى الخلاف داخل المجتمعات الإسلامية. وتدور المثل الروحية للإسلام حول السلام، حيث يصوره القرآن على أنه جوهر الجنة ويصف الله بأنه السلام نفسه. وكان النبي محمد يدعو باستمرار إلى نشر السلام، ويعلِّم أصحابه قيم التسامح والرحمة واللطف.
اقرأ أيضًا: إنشاء مناطق سكنية مختلطة في الهند حاجة الساعة
وتؤكّد تعاليمه على الترابط بين الإيمان والمحبة، وتسلّط الضوء على القوة التحويلية لنشر السلام وتحذّر من الآثار المدمرة للكراهية.
فتوفِّر تعاليم الإسلام حول السلام والوئام والأخوة خارطةَ طريق للتغلب على التحديات المجتمعية وتعزيز عالم أكثر شمولاً وتعاطفًا. ومن خلال تبني هذه المبادئ، يمكن أن يساهم الأفراد في بناء مجتمع يسوده السلام، ويضمن الرفاهية والازدهار للجميع.