براياجراج/نيودلهي

"إذا أنقذتُ حياة شخص ما، فقد كان ذلك واجبي. هذه هي خدمة الإنسانية. عندما تساعد شخصًا، لا تنظر أبدًا إلى دينه أو طائفته. وليس هذا فحسب، بل إن الدين علّمنا أن أثمن شيء في العالم هو حياة الإنسان. فإذا أنقذتُ حياة رام شانكار أو وفرت له المساعدة الطبية في الوقت المناسب، فقد كان ذلك واجبي".

هذا ما قاله فرحان عالم، وهو محامٍ شاب وعامل اجتماعي من مقاطعة براياجراج بولاية أترابراديش، والذي أنقذ رام شانكار من خلال تقديم الإنعاش القلبي الرئوي (CPR) له في الوقت المناسب، عندما أصيب الأخير بنوبة قلبية خلال مهرجان "ماهاكومبه" في براياجراج بولاية أوترا براديش. والإنعاش القلبي الرئوي هو علاج طارئ يُجرى لشخصٍ توقّف قلبه عن النبض والتنفس.

وقع هذا الحادث الأسبوع الماضي، لكنه ظهر إلى العلن عندما انتشر مقطع فيديو على وسائل التواصل الاجتماعي يُظهر فرحان عالم وهو يجري عملية الإنعاش القلبي الرئوي لإنقاذ حياة رام شانكار. وفي المقطع، يظهر فرحان وهو يضغط بكلتا يديه على صدر رام شانكار الذي كان فاقدًا للوعي، بينما كانت زوجته وطفله يبكيان بجواره.

لاحقًا، تبيّن أن فرحان عالم قد أنقذ حياة رام شانكار، وهو أحد المصلين الذين قدِموا إلى مهرجان "ماهاكومبه".

وقال فرحان عالم وهو يتحدث إلى "آواز دي وايس"، إن هذا لم يكن أمرًا غير معتاد بالنسبة له. وأضاف: "كان هذا جزءًا من مسؤوليتي التي قمت بأدائها على النحو المطلوب. والأهم هو أنني حاولت إنعاشه من خلال الإنعاش القلبي الرئوي، وقد أعانني الله على ذلك".

ويقول فرحان عالم عن هذه الحادثة: "كنتُ متمركزًا في محطة القطار. عندما أبلغني زميلي محمد أرشد عبر جهاز وُوكي-توكي عن فقدان أحد المصلين للوعي، هرعت إلى هناك في غضون دقائق. وفي ذلك الوقت، كان فاقدًا للوعي تمامًا. بدأتُ فورًا عملية الإنعاش القلبي الرئوي (CPR). وبعد لحظات من الجهد المكثف، استعاد وعيه وحصل على حياة جديدة. ومع عودة الحياة إلى جسد رام شانكار، عادت الحياة أيضًا إلى من حوله – سواء المارة الذين شهدوا الواقعة أو الأهم من ذلك، طفله وزوجته".

ويعود اهتمام فرحان بالعمل التطوعي والخدمة الاجتماعية إلى والده الراحل، الدكتور نور عالم. ففي عام 1994، قام والده بتدريب أفراد قوة أمن السكك الحديدية على إجراءات الإسعافات الطبية الطارئة.

ويعمل فرحان عالم مع منظمة اليونيسف ممثلًا لمنظمة "حق" غير الحكومية، التي تتخذ من براياجراج مقرًا لها، وتهتم بحقوق الأطفال. وإلى جانب عمله مع منظمة "حق"، فهو أيضًا مؤسس المنظمة الاجتماعية "مؤسسة برايم روز التعليمية"، التي قام بتأسيسها بنفسه.

وخلال مهرجان ماهاكومبه، قامت المنظمة بتدريب أفراد قوة أمن السكك الحديدية على تقديم المساعدة الطبية للمصلين، بما في ذلك الإنعاش القلبي الرئوي. ولكن هذا التحدي واجه فرحان عالم نفسه.

ويقول فرحان إن هذا كان تحديًا. فعلينا بذل الجهد بشجاعة، والباقي متروك لمشيئة الله تعالى، موضحًا أن تم تنظيم معسكر تدريبي لأفراد قوة أمن السكك الحديدية تحت قيادة المفتش شيف كومار سينغ قبل انطلاق مهرجان ماهاكومبه. وخلال هذا المعسكر، تم توعية أفراد  الأمن بكيفية إجراء الإنعاش القلبي الرئوي وما هي الطريقة الصحيحة لتنفيذه.

وتابع فرحان عالم قائلاً: إن مهرجان ماهاكومبه هو مركز إيمان للهندوس، ولكننا جميعًا نحترمه. وسكان براياجراج مستعدون لأداء أي مهمة خلال المهرجان. فالمصلّون هم ضيوفنا، ومن واجبنا ومسؤوليتنا ضمان أمنهم حتى يعودوا إلى مناطقهم. "أرى أن هذا المهرجان هو رمز الأخوة والوئام الطائفي. فهنا يوجد أيضًا مسلمون يعملون كمتطوعين لخدمة الملايين من الحجاج، وهم يؤدون عملهم بفخر كبير، يعملون ليلًا ونهارًا، ويسيرون جنبًا إلى جنب مع الحجاج لمساعدتهم بكل إخلاص.

وأوضح فرحان عالم بأن مهرجان ماهاكومبه هو رمز للحضارة الهندية المشتركة. وفي هذا الوقت، لا يوجد فرق بين الهندوس والمسلمين، فلم يمنعنا أحد من تقديم الخدمة على أساس ديني، ولم يُبدِ أحد أي اعتراض في مجال تقديم الخدمات للحجاج الهنود.

وفي الحقيقة، نحن سكان المدينة نعتبر هذا واجبًا اجتماعيًا وإنسانيًا. وهدفنا هو إزالة أي صعوبة ومشكلة يواجهها الحجاج، ونعمل بهذه الروح. والمتطوعون لا ينتمون إلى أي دين، فالمهم هو الخدمة الإنسانية فقط.

وزار فرحان عالم رام شانكار في مستشفى براياجراج بعد تعافيه. وبمجرد رؤية الفرحة على وجهه بسبب حياته الجديدة، توافد العديد من الناس لتقديم  كلمات الشكر إليه. وشدّد فرحان عالم على أنه قام فقط بواجبه تجاه الإنسانية.

والمثير للاهتمام أن فرحان عالم أنقذ حياة أحد الحجاج في مهرجان "كومبه" السابق في ظروف مماثلة، وقد شارك مقطع الفيديو الخاص بهذه الحادثة على حسابه في وسائل التواصل الاجتماعي.

وظهرت هذه الواقعة في مهرجان ماهاكومبه في وقت كانت فيه وسائل التواصل الاجتماعي في الهند تعجّ بأخبار الراهب التكنولوجي (آي. آي. تي. بابا) ورحلة ممتا كُولكارني من عالم بوليوود إلى عالم الزهد. وربما لهذا السبب لم تحظَ واقعة فرحان عالم باهتمام يُذكر وسط هذا الزخم الإعلامي.

اقرأ أيضًا: ابنة سائق سيارة أجرة تنجح في امتحانات الخدمة المدنية بولاية مادهيا براديش

وصرّح فرحان عالم لــ "آواز دي وايس" بأن هذه الحادثة جعلت الحجاج والإدارة هناك يدركون مدى أهمية التدريب والاستعداد لمعالجة مثل هذه الظروف الطارئة.

ويشكر العديد من الأشخاص فرحان عالم على جهوده، ويشيدون بتفانيه في هذا العمل الإنساني. ولم يقتصر التقدير على السكان المحليين فحسب، بل امتد إلى الحجاج الذين يحضرون المهرجان، حيث اعتبروه بطلًا حقيقيًا.