آشا خُوسا: نيو دلهي
تجولتُ، كصحفية شابة، مع اللواء المخضرم (المتقاعد) جوفانردهان سينغ جاموال عبر مناطق كاندي من مقاطعتي كاثوا وسامبا في جامو المتاخمة لسهول البنجاب الخصبة. لم ينمو الكثير على الأرض بسبب عدم وجود قنوات الري. ويمكن رؤية شجيرات شوكية تشبه تلك التي تنمو في الصحاري وهي تبرز من الأراضي القاحلة هنا وهناك. واشتكى الناس بصبر من ندرة المياه وكان اليأس واضحًا على وجوههم.
لقد شنّ جاموال حملةً لخلق الوعي بالحاجة إلى الحفاظ على المياه من خلال السدود وإحياء خزانات المياه التقليدية من خلال تجميع مياه الأمطار. كنا ننشر، بصفتنا مراسلين، تقارير بانتظام حول بناء سد فوق نهر رافي يمكنه تخزين مياه هذا النهر المتدفقة إلى باكستان. وكان من المتصور أن ينتج المشروع الكهرباء ويكون مصدرًا للري لجامو وكشمير وحتى لراجستهان.
وأخيرًا، تم الانتهاء من بناء سد شاهبور كاندي فوق نهر رافي، وستتدفق مياهه قريبًا لري حوالي 32 ألف فدان من الأراضي القاحلة في كاثوا وسامبا. ويمكن أن يتخيل أحد التغيير الذي سيُحدثه ذلك في حياة الناس هناك.
وينبغي دراسة هذا المشروع لفهم كل ما هو خطأ في الحكم في جامو وكشمير كولاية تمتعت بوضعها المميز بموجب المادة 370. وينبغي أيضًا دراسته لفهم النهج الجديد لحكومة ناريندرا مودي تجاه الإقليم الاتحادي الحديث والجارة المزعجة باكستان.
وبموجب المشروع، ستحصل جامو وكشمير أيضًا على 20% من الطاقة المولَّدة من مشروع الطاقة الكهرومائية، بينما تحصل ولاية البنجاب على نصيب الأسد. وستحصل ولاية راجِستهان أيضًا على المياه اللازمة للري. إنه وضع مربح للجميع، وبالتالي فإن جميع الأشخاص ذوي التفكير الصحيح يتساءلون لماذا ظل هذا المشروع معلقًا منذ ما يقرب من خمسة عقود.
إن تخزين المياه في سد شاهبور كاندي سوف يقلل من تدفق المياه إلى باكستان، ومن حق الهند أن تفعل ذلك. وإن الباكستانيين يتذمرون ويطلقون على ذلك "انتقام الهند" و"الإرهاب المائي"، وإنهم غير مستعدين لقبول حقيقة أن الهند تلتزم بالقواعد ولا تخرق أي اتفاقيات.
وعلى الرغم من تصريح رئيس الوزراء ناريندرا مودي في اجتماع رفيع المستوى في سبتمبر 2016م بعد مقتل 18 من رجال الجيش في أوري على يد "جماعة لشكر طيبة" المدعومة من باكستان بأن "الدم والماء لا يمكن أن يتدفقا في وقت واحد"، فإن الهند لم تنتهك معاهدةَ مياه نهر السند.
وبموجب معاهدة مياه نهر السند الموقَّعة بين الهند وباكستان في عام 1960م، تتمتع الهند بحرية استخدام مياه أنهار رافي، وبيز، وسوتليج، بينما يمكن لباكستان استخدام مياه أنهار تشيناب، وإندوس، وجيلوم. وتم التوقيع على الاتفاقية التي كثيرًا ما توصف بأنها نموذج لتقاسم الموارد بين الدول المجاورة، بوجود البنك الدولي كضامن. لا تلتزم الهند ببنود معاهدة مياه السند فحسب، بل تستفيد من المياه التي لا تستطيع باكستان الاستفادة منها بسبب عدم وجود السدود.
إن الهند لا تلعب دورًا قذرًا، كما تروج وسائل الإعلام الباكستانية وبعض الهنود؛ فإن نيودلهي تتابع بدقة معاهدة مياه نهر السند منذ ستة عقود من الزمن.
تم تصور سد شاهبور كاندي في عام 1979م عندما كان الشيخ محمد عبد الله كبيرًا للوزراء. وُقّع المشروع المشترك مع كبير وزراء البنجاب براكاش سينغ بادال. وكان عبد الله زعيمًا متمركزًا في كشمير ومتهمًا بتجاهل مصالح منطقة جامو. ولهذا السبب ولأسباب أخرى لم ينطلق المشروع. وتم إحياء المشروع في عام 1992م في عهد أتال بيهاري فاجبايي. وأخيرًا، في عام 2018م، قررت حكومة مودي تسريع بناء السد في منطقة باثانكوت في البنجاب.
ومن شأن السد أن يفيد الهند ويجعل باكستان تواجه واقع عدم السعي إلى إقامة صداقة مع دولة مشاطئة عليا، وبدلاً من ذلك شن حرب بالوكالة من خلال الإرهابيين الإسلاميين هناك.
ويبكي الزعماء السياسيون ووسائل الإعلام في باكستان على السد. وتتوقع وسائل الإعلام في البلاد أن رافي المذكور في الكتب المقدسة القديمة باسم إيراواتي وشريان الحياة لمدينة لاهور سوف يجف. وسيكون له تأثير كارثي على الإنتاج الزراعي في باكستان. وسوف تجف الحقول وستواجه ولاية البنجاب ندرة حادة في المياه. وسوف يؤدي في النهاية إلى انخفاض حاد في الإنتاج الزراعي للبلاد.
وكتبت صحيفة باكستان أوبزرفر "تعطل التدفق الطبيعي للمياه من الهند إلى باكستان عبر نهر رافي، مما ينتهك حقوق المياه في باكستان. تعتمد باكستان على مياه نهر رافي لأغراض عديدة، حيث تمثل الزراعة الأولويةَ. ويعتمد الاقتصاد الباكستاني بشكل كبير على الزراعة التي تساهم بحوالي 24 بالمئة من الناتج المحلي الإجمالي للبلاد كمصدر رئيس للدخل للعديد من المزارعين".
ومع ذلك، لم تقم باكستان ببناء خزان أو سد واحد على الأنهار الثلاثة التي يحق لها الاستفادة منها خلال 75 عامًا من وجودها. ويقع سدها الرئيس في كشمير التي تحتلها باكستان -سد مانجلا- فوق نهر جيلوم، بينما قامت الهند ببناء سبعة سدود في جامو وكشمير وحدها، ولا يزال هناك عشرة سدود قيد التنفيذ.
ولقد خضعت هذه السدود للتدقيق من قبل باكستان بموجب معاهدة مياه السند، كما خضعت للتحكيم في محكمة العدل الدولية.
إن الهند تقف بثبات على أرضها أخلاقيًا وقانونيًا لتحسين حياة شعبها.