لماذا يُعَدّ تعميق العلاقات بين الهند وأوزبكستان أمرًا جيدًا للمنطقة؟

02-05-2024  آخر تحديث   | 02-05-2024 نشر في   |  M Alam      بواسطة | آواز دي وايس 
قائد الجيش الهندي الجنرال مانوج باندي مع مسؤولي السفارة الهندية يشيدون بـ
قائد الجيش الهندي الجنرال مانوج باندي مع مسؤولي السفارة الهندية يشيدون بـ "لال بهادور شاستري" عند النصب التذكاري له في طشقند

 

أديتي بهادوري

تلقت العلاقات الدفاعية بين الهند وأوزبكستان دفعة كبيرة بافتتاح قائد الجيش الهندي الجنرال مانوج باندي مختبرًا لتكنولوجيا المعلومات في أكاديمية القوات المسلحة الأوزبكية.

ووصفت مصادر الجيش الهندي هذا التقدم بأنه "علامة فارقة مهمة" في التعاون الدفاعي بين البلدين، بعد الالتزام الذي تم التعهد به خلال اجتماع وزراء دفاع الجانبين في سبتمبر 2018م.

وكان الجنرال باندي في زيارة رسمية لأوزبكستان في الفترة من 15 إلى 18 أبريل لاستكشاف سبل جديدة للتعاون العسكري الثنائي. وخلال زيارته، أجرى محادثات واسعة النطاق مع كبار القادة العسكريين في الدولة الواقعة في آسيا الوسطى إلى جانب زيارة العديد من المؤسسات الدفاعية.

أوزبكستان هي ثاني أكبر دولة في منطقة آسيا الوسطى التي تم تحديدها كمنطقة ذات أهمية استراتيجية للهند، وتقع بين العملاقين روسيا والصين، فضلاً عن مجاورتها لمناطق مضطربة مثل أفغانستان وإيران، إلى جانب كونها جزءًا من الجوار الممتد للهند. وأعطى رئيس الوزراء ناريندرا مودي، خلال فترة ولايته الأولى، الأولوية لتعميق علاقات الهند مع المنطقة كجزء من سياسة "ربط آسيا الوسطى".

وإن زيارة الدولة التي قام بها الرئيس شوكت ميرزيوييف إلى الهند في أكتوبر 2018م، والتي أسفرت عن توقيع 20 وثيقة حول التعاون في مختلف المجالات، فتحت صفحة جديدة في العلاقات الثنائية. وأكدت زيارة الرئيس إلى الهند في يناير 2019م للمشاركة في "قمة غوجارات العالمية النابضة بالحياة" كضيف رئيس رغبة أوزبكستان في تكثيف التعاون مع الهند.

وعُقدت قمة افتراضية بين رئيس أوزبكستان ورئيس وزراء الهند في ديسمبر 2020م. وفي إطارها، تم اعتماد "بيان مشترك حول الصداقة الوثيقة والشراكة القوية" وتم التوقيع على 9 وثائق حول التعاون في مختلف المجالات ذات الأولوية.

ورغم أن فيروس كورونا عطّل التبادلات الثنائية الجارية، فإن الحوار المنتظم على مستوى الحكومتين والبرلمانين والوزارات استمر. وبدأت الهند الحوار بين الهند وآسيا الوسطى على مستوى وزراء الخارجية في عام 2019م وعقدت أول قمة بين الهند وآسيا الوسطى في عام 2022م. وكجزء من الحوار، تم إنشاء مجلس الأعمال بين الهند وآسيا الوسطى في نيودلهي في فبراير 2020م.

وفي عام 2019م، أجرى البلدان أول مناورات عسكرية مشتركة بينهما تحمل الاسم الرمزي "دوستليك" أي "الصداقة". وقد دخلت هذه المناورات، التي تجرى بالتناوب في الهند وأوزبكستان، عامها الخامس وعُقدت حاليًا في الفترة من 15 إلى 28 أبريل في منطقة ترمذ في جنوب أوزبكستان.

وتأتي زيارة الجنرال باندي على خلفية هذه التدريبات في لحظة مناسبة. وبينما تنمو العلاقات الهندية الأوزبكية بشكل ديناميكي، فإن انشغال الهند برئاسة مجموعة العشرين ثم الانتخابات ربما أدى إلى إبعاد ارتباطاتها بمنطقة آسيا الوسطى قليلاً، ولكن الزيارة أعادت تنشيط هذه الارتباطات.

وتفاعل الجنرال باندي مع اللواء شهرت خالحمدوف، النائب الأول لوزير الدفاع رئيس الأركان العامة للقوات المسلحة الأوزبكية، وناقشا الجوانب الرئيسة لتعزيز التعاون العسكري بين الجيشين. كما التقى بمجموعة من القادة العسكريين رفيعي المستوى، وزار المجمع الصناعي العسكري الأوزبكي، وشهد التدريبات العسكرية الهندية الأوزبكية المشتركة التي جرت في ترمذ بجنوب البلاد.

وقال الجيش الهندي في بيان إن "زيارة الجنرال باندي تهدف إلى تعزيز التعاون العسكري بين الهند وأوزبكستان إلى جانب استكشاف سبل جديدة للتعاون بين البلدين".

وأتت الزيارة في وقت مهم. فإن موقع مناورات "دوسليك" -وهي الخامسة في السلسلة السنوية– منطقة ترمذ قد لا يكون محض صدفة. إنها تقع على طول حدود أوزبكستان مع أفغانستان وهي المعبر الحدودي الرئيس بين الدولتين غير الساحليتين. وباعتبارها دولة مواجهة مع أفغانستان، فإن أوزبكستان معرضة للأحداث هناك.

فهي أيضًا دولة ذات تراث إسلامي عظيم ومركز للتعليم الإسلامي في العصور الوسطى. وعلى هذا النحو، فهي أيضًا عرضة لخطر التطرف الديني.

وقد تم الحفاظ على أوزبكستان نفسها، في ظل الحكومات المتعاقبة، كدولة علمانية تعددية. وقد شهد صعود تنظيم الدولة الإسلامية انضمامَ العديد من الأوزبك، بمن فيهم عائلات بأكملها مع نساء وأطفال، إلى داعش. وهكذا كان على أوزبكستان أن تخوض معركة طويلة وصعبة مع التطرف الديني والإرهاب، ولهذا السبب ليس من المستغرب أن يكون أحد الفروع الرئيسة لمنظمة شنغهاي للتعاون، التي تضم الهند وأوزبكستان عضوًا فيها، وهو الهيكل الإقليمي لمكافحة الإرهاب، يقع في طشقند العاصمة الأوزبكية.

ولهذا السبب، خلصت طشقند، إلى جانب القوى الإقليمية الأخرى في وقت مبكر، إلى أن طالبان أقل شرًا من داعش، وأنها هي التي يمكنها التغلب على الأخير بشكل فعال. وعلى هذا النحو، تعمل طشقند على تنمية العلاقات مع طالبان، حيث تعتبرها جزءًا من الحل لمشاكل أفغانستان المستمرة منذ عقود، وحتى قبل التوصل إلى اتفاقيات الدوحة بين الولايات المتحدة وطالبان، نظّمت أوزبكستان أول حوار داخلي أفغاني على أراضيها.

اقرأ أيضًا: من الممكن أن يساعد الترويج لزراعة الدخن واستهلاكه في معالجة تحديات الأمن الغذائي في جميع أنحاء العالم

وفي هذا السياق، تشكل الشراكة بين الهند وأوزبكستان أهمية حيوية في مجال الدفاع. فإن أوزبكستان ليست جزءًا من أي كتل عسكرية إقليمية، في حين أنها تتمتع أيضًا بتعاون دفاعي وثيق مع موسكو، الشريك الاستراتيجي الآخر للهند.

والهند وأوزبكستان هما أيضًا جزء من منظمة شنغهاي للتعاون، وهي كتلة أوراسية رئيسة، وبالتالي تنسقان مع بعضهما البعض في هذا المنتدى متعدد الأطراف أيضًا. وكانت أوزبكستان هي التي أدت دورًا فعالاً في انضمام الهند إلى الكتلة.

وتشترك الهند وأوزبكستان في نفس الموقف بشأن الجرائم الدولية، والاتجار بالمخدرات، والاتجار بالبشر، والتطرف الديني، والإرهاب. ولقد خاض كلا البلدين معارك طويلة الأمد مع التمردات الدينية على أراضيهما وانتصرا. وكلاهما يقدر المجتمعات الديمقراطية التعددية. كما تعد أوزبكستان الدولة الأكثر قوة عسكريا في آسيا الوسطى. وإن هدية مختبر تكنولوجيا المعلومات، إلى جانب فوائدها للأوزبك، تعمل في الوقت نفسه على زيادة بصمة الهند في هذه المنطقة ذات الاستراتيجية الجيوسياسية. ومن شأن العلاقات الدفاعية الثنائية الأعمق أن تساعد البلدين على تنسيق المواقف والتصدي المشترك للتهديدات المشتركة ومعالجتها، وهو الأمر الذي سيساهم بدوره في تحقيق السلام والاستقرار في منطقة صعبة.