ماذا قال الدكتور العيسى عن الهند عندما زارها العام الماضي؟

15-03-2024  آخر تحديث   | 15-03-2024 نشر في   |  M Alam      بواسطة | آواز دي وايس 
الدكتور محمد بن عبد الكريم العيسى مع مستشار الأمن القومي أجيت دوفال والقادة الدينيين خلال زيارته إلى الهند العام الماضي
الدكتور محمد بن عبد الكريم العيسى مع مستشار الأمن القومي أجيت دوفال والقادة الدينيين خلال زيارته إلى الهند العام الماضي

 

آواز دي وايس: نيو دلهي

كان الأمين العالم لرابطة العالم الإسلامي، الدكتور محمد بن عبد الكريم العيسى قد قام بزيارة رسمية إلى الهند في الفترة 10-15 يوليو 2023م. وقد عرّفت زيارته الهنود على الأفكار التقدمية والمعتدلة للعالم الجديد، إلى جانب تعزيز العلاقات الدبلوماسية بين الهند والمملكة العربية السعودية.

التقى الدكتور عيسى، خلال زيارته الرسمية التي استمرت ستة أيام إلى الهند، برئيسة جمهورية الهند دروبادي مورمو، ورئيس الوزراء ناريندرا مودي، ووزير الشؤون الخارجية الدكتور إس. جايشانكار، ووزيرة شؤون الأقليات سمريتي زوبين إيراني. ووصف اجتماعاته مع كبار القادة الهنود بأنها مناقشات هادفة ومثمرة.

وكان تفاعله الأكثر شمولاً مع مستشار الأمن القومي الهندي أجيت دوفال الذي عقد معه اجتماعًا مغلقًا يوم 10 يوليو 2023م، إلى جانب لقاءاته مع قادة دينيين من مختلف الأديان.

وألقى كل من الدكتور العيسى ومستشار الأمن القومي أجيت دوفال خطابًا في المؤتمر الذي حضره المثقفون والأكاديميون والقادة الدينيون والمفكرون المسلمون من مختلف أنحاء البلاد، والذي نظمته "مؤسسة خسرو" بالتعاون مع المركز الثقافي الإسلامي الهندي في نيودلهي، يوم 11 يوليو 2023م. ولقد عزّز خطابهما القيَمَ المعتدلة واحترام سيادة القانون في البلاد.

وفي هذا الحدث، تحدث الدكتور عيسى عن عظمة الديمقراطية الهندية ودستورها الذي يستوعب التنوع. وتحدث عن ضرورة احترام سيادة القانون للحفاظ على قدسية الدول القومية.

وذكر مستشار الأمن القومي أجيت دوفال أنه "في الماضي، ربما تقاتلت الدول مع بعضها البعض لحل خلافاتها. ولكن، كما قال رئيس الوزراء مودي قبل شهور، لم يعد هذا عصر الحرب. ويجب خوض المعارك المستقبلية ضد الجوع والفقر والجهل من أجل خير البشرية. وفي عالم اليوم، مع التحديات الجيوسياسية المعقدة التي تواجهنا، يجب أن يصبح الدين ضوءًا يدعو البشرية للدخول في عصر السلام والوئام".

وقال دوفال إن الهند، أكبر ديمقراطية في العالم، هي أرض تنوع مذهل "إنها بوتقة تنصهر فيها الثقافات والأديان واللغات التي تتعايش في وئام. ونجحت الهند كديمقراطية شاملة، في توفير مساحة لجميع مواطنيها، بغض النظر عن خلفياتهم الدينية أو العرقية أو الثقافية".

وتابع قائلاً إن الإسلام يحتل بين الجماعات الدينية العديدة مكانة فريدة ومهمة في الهند، وهي موطن لثاني أكبر عدد من المسلمين في العالم. ويساوي عدد السكان المسلمين في الهند تقريبًا عددَ سكان حوالي 33 دولة عضو في منظمة التعاون الإسلامي.

وتحدث الدكتور العيسى عن الاتجاهات السلبية المتزايدة في أجزاء كثيرة من العالم قائلاً "تعتبر الهند نموذجًا عظيمًا للتعايش للعالم"، مبينًا أن الحكمة الهندية قد ساهمت الكثير في خدمة الإنسانية.

ولقيت إمامة الدكتور عيسى لصلاة الجمعة في المسجد الجامع التاريخي قبولاً كبيرًا وكذلك زيارته لمعبد أكشاردام. كما أن تفاعله مع مختلف القادة الدينيين والمثقفين في "مؤسسة فيفيكاناند الدولية" قد أحدث الكثيرَ من حسن النية.

وشدد الدكتور عيسى في الحدث الذي تم تنظيمه بالتعاون مع المؤسسة العالمية للانسجام الحضاري (الهند) بعنوان "الحوار من أجل الانسجام بين الأديان" وذلك في مؤسسة فيفيكاناندا الدولية بنيودلهي على أن صدام الحضارات الذي يشهده العالم هو نتيجة الأدب الذي روج لأفكار سلبية عن الحضارات الأخرى. وأضاف أن العلاج يكمن في مواجهة مثل هذه الأفكار بالحوار النشط بين القادة الدينيين بدلا من مجرد الاجتماعات المعتادة للقيادة السياسية.

وتعبيرًا عن أفكاره حول سمية بعض المؤلفات المتطرفة، قال إن بعض الكتب كُتبت لغرض محدد لإثارة الكراهية وسوء النية لأشخاص من ديانات وحضارات أخرى، مضيفًا "تبنى الجيل الشاب للأسف هذه الأفكار السلبية بسبب التنشئة غير السليمة. وعلينا أن نتأكد من أن أجيالنا المستقبلية تغرس في نفوسها أفكار صحيحة وشاملة منذ الطفولة".

وذكر أيضًا أن "الكتب السيئة ذات الأفكار السلبية" أصبحت شائعة للأسف، بينما ظلت الكتب التي تتحدث عن أفكار مثل التعايش والتفاهم والانسجام مخفية عن الناس، لافتًا إلى "أحد التحديات الرئيسة التي نواجهها هو تغيير هذا السيناريو. وعلينا أن نوقف تدفق الأفكار السلبية من حقبة سابقة إلى جيلنا الحالي".

وصرّح بأن العالم قد أخطأ وفشل في منع انتشار الأفكار المتطرفة منذ البداية، لافتًا إلى اتخاذ إجراءات قوية لوقف مثل هذه الأفكار الخطيرة، وأفضل علاج هو الدخول في مهمة لإقامة الحوار بين الأديان، موضحًا بشكل قاطع أن أي حوار بين القادة الدينيين في العالم يجب أن يقوم على أساس مبادئ فقط، فسيؤتي مثل هذا الحوار ثماره وإلا سيبقى كلامًا.

وأكد الدكتور العيسى أن التقاء الحضارتين الهندية والعربية وسعيهما المشترك من أجل السلام سيكون مفتاحًا في مكافحة التنافر في العالم.

وأعرب الدكتور العيسى عن تأثره البالغ برؤية وجهة نظر القيادة الهندية – الدينية والسياسية على حد سواء فقال "لقد سمعنا كثيرًا من الناس يقولون إننا كنا فاتحين وحكمنا هذا الجزء من العالم وهذا الجزء من العالم. ولم أسمع قيادة هندية تقتحم مثل هذا التفاخر … بدلاً من ذلك، سمعتُ إياهم يتحدثون عن حضارات أخرى باحترام".

وحثّ الدكتور العيسى القيادة الهندية على التقدم وإنجاح عملية بناء الجسور بين الأديان، وقال إن تجاربه في لقائه مع القيادة الهندية جعلته يتعهد بالمبادئ التوجيهية للبلاد، مضيفًا "أحيي ديمقراطية الهند ودستورها من صميم قلبي. وأنا متأكد من أن الحكمة الهندية في التسامح والوئام ستثبت جدواها وسنرى ثمارها في المستقبل".

كما تحدث العيسى عن كيف يمكن أن تساعد القيم المعتدلة والتفاهم الأفضل بين الناس في تجنب صدام الحضارات، الذي ينبع في المقام الأول إما من الصراعات الدينية أو الثقافية، فقال إن صدام الحضارات الذي يشهده العالم هو نتيجة الأدب الذي روّج لأفكار سلبية عن الحضارات الأخرى. وأضاف أن العلاج يكمن في مواجهة مثل هذه الأفكار بالحوار النشط بين القادة الدينيين بدلا من مجرد الاجتماعات المعتادة للقيادة السياسية.

كما زار الدكتور العيسى معبد أكشاردام وقضى حوالي ثلاث ساعات هناك، وهذا المعبد الشهير يجتذب الزوار من جميع أنحاء العالم. وقال العيسى عن زيارته للمعبد إن الهند مثال رائع على الوحدة في التنوع وإن جولته في معبد أكشاردام بالعاصمة الوطنية لا تؤدي إلا إلى تعزيز الإيمان.

وأكّد الدكتور العيسى، أثناء إلقاء خطبة الجمعة، في المسجد المغولي الكبير الواقع في دلهي، أن الإسلام يولي أهمية كبرى لحسن الخلق والسيرة، ودعا المسلمين إلى أن يتزودوا بطيب القلب للجميع. ويعلّمنا الإسلام "أن نعتني بجيراننا ونحترم الإنسانية، لافتًا إلى أن الإسلام يؤمن بحماية الإنسانية واحترام الجغرافيا والتنوع، موضحًا أنه يجب على المؤمن الصادق أن يكون طيب القلب وأن يسير على طريق مستقيم.

يُنظر إلى الدكتور عيسى على أنه مؤيد للقيم الإسلامية الجوهرية اللازمة لإرشاد المسلمين في العالم اليوم. وتقوم رابطة العالم الإسلامي، الهيئة التي يقودها، بعمل استثنائي في نشر القيم الإسلامية المعتدلة. وتؤدي هذه المبادرات إلى السلام والوئام في العالم.

وأصبح هذا التواصل منارة للمسلمين كبديل مرغوب فيه للأفكار المتطرفة التي يتم طرحها في العالم الإسلامي. إنه يركز على القيم الإسلامية الأساسية للسلام والتسامح والتفاهم.

وبشكل عام، لقد أدّت زيارته إلى المشاعر الصحيحة المطلوبة في الوقت الحاضر لتعزيز الانسجام الطائفي والمجتمعي. وستوفر الزيارة المزيد من سبل التعاون مع رابطة العالم الإسلامي والمملكة العربية السعودية حكومةً وشعبًا.