أشفاق أحمد
يُعد مولانا مظهر الحق (1866-1930م) واحدًا من أعظم الشخصيات الهندية الذين كرّسوا حياتهم لخدمة شعبهم، وقدّموا كل ما امتلكوه من مال وممتلكات في سبيل وطنهم. وُلد في أسرة لها نصيب وافر من الثروة والشهرة، وتلقى تعليمه في أرقى المعاهد في عصره، ثم واصل دراسته في بريطانيا، حيث حصل على شهادة في القانون. ونال شهرة واسعة كمحامٍ بارع، وحقق ثروة كبيرة من خلال ممارسته للمحاماة في مختلف المحاكم، وعاش حياة مترفة لعقود من حياته. وتأثر بعمق بحياة المهاتما غاندي وسلوكه وفلسفته، مما أدى إلى تغيير في مسار حياته. وكرّس نفسه لخدمة وطنه، وعمل بلا كلل ليلًا ونهارًا حتى أواخر أيام حياته. وكان مظهر الحق مناضلًا مخلصًا من أجل تحرير الهند، وكان يؤمن إيمانًا راسخًا بأن الوحدة بين الهندوس والمسلمين ضرورية لتحقيق الاستقلال ولخدمة مصالح الشعب الهندي. ويُعد مثالًا رائعًا للمحامي الثري الذي تلقى تعليمًا غربيًا، وشغل مناصب حكومية مرموقة، ولكنه تحول خلال حركة الاستقلال إلى ساتياجراهي صارم وزاهد مثالي.
وُلد مظهر الحق بن أحمد الله في 22 ديسمبر 1866م في قرية "بَه بورا" التابعة لمديرية باتنا في ولاية بيهار. وتبعد هذه القرية عن مدينة باتنا حوالي 25 كم. كان الابن الوحيد لوالديه، وكانت أسرته تتبع المنهج السلفي. وعُرفت أسرته في المنطقة بالثراء والفضل؛ إذ كانت تمتلك الأراضي والممتلكات. واستوطنت الأسرة في مظفّربور قرب باتنا، ثم انتقلت إلى بَه بورا، حيث وُلد ونشأ وترعرع مظهر الحق.
وتعلّم مظهر الحق اللغتين الأردية والفارسية في بيته على يد مُعلم خاص، كما كان معتادًا لدى أبناء العائلات الثرية في تلك الفترة. وحصل على شهادة المدرسة المتوسطة الحكومية، ثم أكمل تعليمه الثانوي. والتحق بكلية باتنا عام 1886م، ثم انتقل إلى لكناؤ للالتحاق بكلية كيننغ. ثم غادر إلى لندن حيث درس القانون، وحصل على الشهادة في القانون عام 1891م.
وبعد عودته من لندن اشتغل البيريستر/ المحامي مظهر الحق بالعمل في بعض المحاكم الهندية، ثم عمل محاميًا منذ عام 1896م في بلدة شَبرا (Chapra) لولاية بيهار. وعمل محاميًا في باتنا منذ عام 1906م. وكان المحامي/البيريستر رجلًا أنيقًا، يتمتع بمظهر نظيف دون لحية، حيث كان يشبه البريطانيين في لباسه وهيئته.
وانتخب مظهر الحق عام 1903م نائبا للرئيس في بلدية "ساران"، وظل على هذا المنصب حتى عام 1906م. ثم انتخب رئيسا لبلدية ساران عام 1924م، وظل على هذا المنصب حتى عام 1927م. وبصفته رئيسا لهذه البلدية حقّق تقدمًا كبيرًا، ونال شهرة في إدارة البلدية. انتخب في نفس العام نائبًا لرئيس حزب المؤتمر لولاية بيهار. وفي عام 1910م عيّن عضوا للمجلس التشريعي الإمبراطوري في الهند.
وعُقد المؤتمر الثالث للمطالبة باستقلال ولاية بيهار تحت رئاسة مظهر الحق عام 1911م في باتنا. وبفضل جهود القادة أمثال السير علي إمام، ومظهر الحق، وسشيتا نندا سنها، أعلن الملك جورج الخامس في 12 ديسمبر 1911م عن إنشاء ولاية بيهار المستقلة. وقد تم بالفعل تأسيس الولاية في 22 مارس 1912م، واختيرت باتنا عاصمة لها.
وزار مظهر الحق، برفقة حسن إمام وآخرين، مدينة داكا بهدف جعل الرابطة الإسلامية (The Muslim League) حزبًا معتدلًا في السياسة والسلوك. وبعد عودتهم إلى باتنا، تم افتتاح مكتب للرابطة الإسلامية هناك في عام 1908م، حيث تم انتخاب مظهر الحق سكرتيرًا لها. كما ترأس اجتماعًا للرابطة الإسلامية في باتنا عام 1915م. وبذل جهدًا مخلصًا لسد الفجوة الأيديولوجية والفكرية بين حزب المؤتمر الوطني والرابطة الإسلامية. وقال "سشيتا نندا سنها" إن مظهر الحق حاول بإخلاص جعل الرابطة الإسلامية الناشئة تتبع نهجًا شعبيًا معتدلًا. وبفضل جهوده المستمرة، أصبحت الرابطة الإسلامية وحزب المؤتمر الوطني يتعاون مع بعضها البعض. وأدّى مظهر الحق دورًا كبيرًا في عقد اجتماع حزب المؤتمر الوطني في باتنا عام 1912م بصفته رئيسا للجنة الاستقبال.
وعارض مظهر الحق السياسة البريطانية التي كانت تعرقل تطور الصناعة الهندية، وبذل جهدًا مضنيًا لإنهاء الرسوم التي فرضتها الحكومة البريطانية على التعليم الابتدائي في الهند. وعلى غرار مطالبة بال كريشنا غوكهلى، أكّد مظهر الحق على ضرورة تعليم البنات الهنديات. وفي اجتماع حزب المؤتمر الوطني الذي عُقد في باتنا عام 1912م، طالب مظهر الحق الحكومة الهندية بفتح مراكز امتحانات للخدمات المدنية الهندية (ICS) في مختلف المدن الهندية، وقد لقيت هذه المطالبة قبولًا من المشاركين في الاجتماع. وتأثر مظهر الحق بشدة بمجزرة "جاليانوالا باغ" التي وقعت عام 1919م، وأعرب عن أسفه العميق حيالها. وجعلت الحرب في البلقان ضد الدولة العثمانية، مظهر الحق يخالف الإنجليز. وبدأ يؤيد المهاتما غاندي، ومولانا أبي الكلام آزاد وغيرهما في حق الخلافة العثمانية.
وأدّى مظهر الحق دورًا بارزًا في تنظيم الاجتماع التاريخي الذي عُقد في لكناؤ عام 1916م، وتوقيع المعاهدة بين حزب المؤتمر الوطني الهندي (الكونغرس) وحزب الرابطة الإسلامية. كما شارك بنشاط في "حركة الحكومة الوطنية" لمناضلة التحرير الشهيرة إيني بيسانت عام 1916م. وشارك متحمسًا وفعالًا ساتياجراها في تشامباران، بقيادة موهان داس كرمشاند غاندي (1869-1948). وقد حظي مظهر الحق بتقدير واحترام كبيرين من المهاتما غاندي، حيث زاره الأخير في منزله المعروف باسم "سكندر منزل".
وأدّى مظهر الحق دورًا مرموقًا في حركة الخلافة التي أطلقها كبار القادة المسلمين، أمثال مولانا محمد علي جوهر وشقيقه شوكت علي، وذلك برئاسة المهاتما غاندي عام 1919م.
وبناءً على دعوة غاندي، شارك مظهر الحق في حركة عدم التعاون (مع الحكومة الاستعمارية) عام 1920م. وفي عام 1921م، أسّس مظهر الحق "صداقت آشرم" (منزل الصدق) في باتنا، على غرار "غاندي آشرم" في غوجارات. وقد أُسس هذا الآشرم على قطعة أرض تبرّع بها أحد المسلمين المخلصين يُدعى خيرو ميان. ومن خلال هذا الآشرم، أصدر مظهر الحق صحيفة أسبوعية باللغة الإنجليزية سماها "مدر لاند" (الوطن)، حيث صدر العدد الأول منها في 30 سبتمبر 1921م. وسرعان ما أصبحت هذه الصحيفة الأسبوعية لسان حال حركة عدم التعاون التي قادها المهاتما غاندي.
ونشرت مطبعة صداقت آشرام الكثير من كتابات مظهر الحق، ومنها: "طوفان نوح"، و"مظهر العلوم" وغيرهما. نشرت من مطبعة صداقت آشرام أيضًا الصحيفة الأردية "شرستان". واحتل صداقت آشرام مكانة مركزية لحركة التحرير الوطنية والتعليم في ولاية بيهار. وكان مظهر الحق من كبار المؤيدين للاتحاد بين الهندوس والمسلمين.
وأعلن مظهر الحق انفصاله عن حياته السياسية الفعالة في عام 1926م، ولكن كبار القادة أمثال المهاتما غاندي، ومولانا آزاد، وجواهر لال نهرو ظلوا على مواصلة مستمرة معه في أمور السياسة والتعليم والإصلاح. وخالف مطالبة الرابطة الإسلامية بالدولة المستقلة للمسلمين. وعارض بكل شدة التمييز العنصري في إفريقيا الجنوبية في مقالاته في مدر لاند. بدأ في صداقت آشرم "بيهار ودّيا بيت".
وفي اجتماع حزب المؤتمر الوطني الذي عُقد في كلكتا خلال الفترة من 4 إلى 9 سبتمبر 1920م، برئاسة لالا لاجبات راي، تم اعتماد قرار حركة عدم التعاون الذي أعلنه المهاتما غاندي.
واستجابةً لهذا القرار، أعلن كبار قادة ولاية بيهار، ومن بينهم مظهر الحق وراجيندرا براساد وبراج كيشور براساد ومحمد شفيع وغيرهم، سحب ترشيحاتهم من انتخابات المجلس التشريعي المقبلة. وقد أعلن مظهر الحق انسحابه رسميًا في رسالة نُشرت في جريدة "سارج لايت" (Searchlight).. وخلال الزيارة القصيرة التي قام بها المهاتما غاندي إلى بيهار في عام 1920م، حيث كان برفقته مولانا شوكت علي ومولانا أبو الكلام آزاد ومظهر الحق، ألقى عدة محاضرات قيّمة حول التعليم والتحرير.
وبجهود مظهر الحق وآخرين، تم اتخاذ القرار في أكتوبر عام 1920م بأن جميع الاتحادات الطلابية ستعلن مقاطعة استخدام الألبسة البريطانية. واستجابة لدعوة المهاتما غاندي، أسس مظهر الحق مدرسة قومية في 22 نوفمبر 1920م، وعيّن "هارناندان لال ناندكيوليار" رئيسًا لها. وقد أدّت هذه المدرسة دورًا بارزًا في تنشيط الطلاب للمشاركة في حركة تحرير الهند. كما ثار طلاب مدرسة بيهار للهندسة ضد المسؤولين بسبب بعض القضايا، مما أدى إلى انسحاب ما لا يقل عن 110 طلاب. والتقى 103 منهم بمظهر الحق طلبًا للإرشاد وإيجاد حل لهذه القضية المثيرة للاهتمام.
واستجاب مظهر الحق على الفور لدعوة الطلاب الثائرين، متخليًا عن حياته المترفة في "سكندر منزل"، واصطحب الطلاب إلى حديقة في "ديجها" على طريق باتنا-دانابور. وهناك، أسّس مدرسة على الأراضي التي وهبها "خيرو ميان". وفي الأيام المقبلة، أصبح رحاب هذه المدرسة مركزًا مهمًا للغاية للأنشطة التعليمية والسياسية. وأطلق مظهر الحق على رحاب هذه المدرسة اسم "صداقت آشرام" (منزل الصدق)، والذي أصبح نموذجًا للوحدة بين الهندوس والمسلمين، وملتقى للثقافتين الهندوسية والإسلامية، ومركزًا مهمًا لتعليم اللغات الأردية والهندية والسنسكريتية. وأصبح صداقت آشرام مركزًا بارزًا للأنشطة السياسية، حيث اُتخذت فيه العديد من القرارات الحاسمة من أجل استقلال الهند.
وانضم إلى كلية/مدرسة "صداقت آشرام" طلاب من كلية باتنا، وكان من بينهم السياسي البارز "جيا براكاش نارائن". وكان مظهر الحق شخصية عظيمة منضبطة، وباحثًا دقيقًا، ورجلًا يتمتع ببصيرة ثاقبة. واستجابةً لدعوة المهاتما غاندي، قام مظهر الحق ببناء بيت لـ "وِدِّيا بيت" (Vidyapith) من ماله الخاص، تحت إشراف راجيندرا براساد.
ووصل المهاتما غاندي إلى باتنا صباح السادس من فبراير عام 1920م، برفقة زوجته كاستوربا غاندي ومحمد علي، حيث قام بافتتاح "بيهار وديا بيت" (الجامعة القومية). وحاليًا، يتخذ حزب المؤتمر الوطني "صداقت آشرام" مقرًا له في ولاية بيهار.
وتزوج مظهر الحق من ثلاث سيدات؛ "غوثية بيغم"، و"كشور جهان"، و"منيرا بيغم" في الأعوام 1892، و1903، و1917 على التوالي. وتوفيت غوثية في عام 1902م فور ولادة ابنتها، التي لم تعش طويلًا وتوفيت في سن مبكرة. وفي عام 1908م، رزق بابن من زوجته الثانية، وأسماه حسن مظهر، لكنه غرق في الفيضانات عام 1925م. كما أنجبت له ابنة سماها ثريا جبين، لكنها توفيت بعد حوالي ثلاث سنوات. وفي عام 1914م، أنجبت له ولدًا آخر أسماه حسين مظهر، غير أن كشور جهان توفيت بعد فترة قصيرة من الولادة. وأما زوجته الثالثة، منيرة بيغم، فلم يُرزق منها بأولاد. وتوفيت في عام 1976م. وكانت منيرة ابنة شقيق بدر الدين طيب جي، السياسي الهندي البارز من بومباي.
وأصدرت الخدمات البريدية الهندية طابعًا بريديًا تخليدًا لذكرى مظهر الحق عام 1981م، كما تم تأسيس "جامعة مولانا مظهر الحق العربية والفارسية" في باتنا عام 1998م تكريمًا له. وقام مظهر الحق في عام 1900م ببناء بيت في فريدبور في مديرية سيوان، أطلق عليه اسم "آشيانة". وقد قضى في هذا البيت الكبير السنوات الأخيرة من حياته، والذي استضاف العديد من كبار القادة الهنود الذين ترددوا عليه مرارًا.
ولم يكن مظهر الحق راضيا عما كان يحدث في السياسة القومية باسم حركة عدم التعاون؛ إذ ألقى باللوم في فشلها على عُجلة القادة. ولم يرغب في اتخاذ القرارات/ الخطوات في عُجلة شديدة. كما أن الخلافات التي نشبت بشأن الدخول في المجلس التشريعي أو مقاطعته زادت من استيائه، حيث كان يخالف الدخول في المجلس التشريعي. وفي ظل هذه المستجدات، غادر باتنا متوجهًا إلى فريد بور، في سيوان، حيث استقر هناك بشكل دائم.
وحاول مظهر الحق في سنواته الأخيرة الابتعاد عن الأنشطة السياسية، ولكنه لم يستطع الانفصال عنها تمامًا. فإن أعماله بصفته رئيسا لبلدية ساران، وخوضه الانتخابات لمجلس بيهار التشريعي عام 1926م، ورفضه لرئاسة جلسة حزب المؤتمر الوطني في غواهاتي عام 1926م تدل بوضوح على أنه لم ينفصل عن السياسة والأعمال الخيرية.
ومن أبرز الأعمال الحاسمة والمثالية التي قام بها مظهر الحق كانت إقامته في صداقت آشرام بين الطلبة، إلى جانب جهوده المخلصة في نشر التعليم المرتكز على القيم والأخلاق. وقد وصفه الرئيس الهندي الأول، راجيندرا براساد، بأنه "مسلم متدين، ووطني قوي، وعاطفي فضّل الخدمة والتضحية على الراحة والرفاهية، واختار الفقر على الوفرة، والسجن على القصر، والإقامة في صداقت آشرام بدلًا من سكندر منزل". وأما المهاتما غاندي، فقد قال عنه: "لقد كان صداقت آشرام بالقرب من باتنا ثمرةً لجهوده البناءة. وعلى الرغم من أنه لم يعش فيها لمدة طويلة كما تمنى، ولكن فكرته لإنشاء آشرام مكنت "بيهار وديا بيت" من الحصول على مكان مستقل.
وكان مولانا مظهر الحق سياسيًا بارزًا ومناضلًا عظيمًا في سبيل استقلال الهند من الاستعمار البريطاني. وعمل بإخلاص لنشر التعليم في البلاد، وقدّم العديد من الخدمات الخيرية، مفضلًا حياة الفقر والزهد على حياة الثراء والترف.
تكمن عظمة مولانا مظهر الحق في النقاط الآتية:
· خلال إقامته في بريطانيا أنشأ ملتقى للحوار باسم "أنجمنِ إسلامية". كان يجتمع تحت راية هذا الملتقى كبار الهنود أمثال المهاتما غاندي، وسشيتا نندا سنها، وعلي إمام، وحسن إمام، ومحمد علي جناح.
· أسّس لجنة المؤتمر الوطني لبيهار في عام 1908م، وأصبح رئيسا ثالثا لها عام 1910م.
· عمل رئيسًا للجنة الاستقبال لاجتماع حزب المؤتمر الوطني لعموم الهند في باتنا عام 1912م.
· قتلت الشرطة عددًا كبيرًا من الناس في كانبور عام 1913م، وهذا العمل الشنيع أغضبه كثيرًا. وكان الهنود، بمن فيهم المحاميون، خائفين من بطش الحكومة. فتقدم مولانا مظهر الحق بصفته محاميا ودافع عن الناس. وهذه الجرأة جعلته بطلا في ربوع الهند.
· ترأس اجتماع الرابطة الإسلامية في بومباي عام 1915م.
· أدى دورًا بارزًا في عقد المعاهدة بين حزب المؤتمر الوطني والرابطة الإسلامية في لكنؤ عام 1916م.
· كان له دور رئيس في تأسيس جامعة باتنا عام 1917م.
· كان من كبار القادة الذين رافقوا المهاتما غاندي في حركة تشامباران عام 1917م.
· أصبح عضوًا بارزًا لحركة الحكومة الوطنية التي أسستها السيدة "أني بيسانت" عام 1916م.
· شارك في حركة الخلافة عام 1919م بقيادة المهاتما غاندي، ومولانا محمد علي جوهر، ومولانا آزاد، وشوكت علي وغيرهم.
· قام العديد من طلاب كلية باتنا للهندسة بمقاطعة التعليم الإنجليزي/الغربي، ولجأوا إلى مولانا مظهر الحق، الذي كان يعد من أبرز القادة في ولاية بيهار آنذاك، طلبًا للإرشاد ووضع خطة للمستقبل.
· أخذًا بعين الاعتبار ضرورة التعليم للطلبة الثائرين، أسس مولانا مظهر الحق "بيهار وديا بيت" في رحاب صداقت آشرام.
· أصدر صحيفة أسبوعية إنجليزية سمّاها "مدر لاند"/الوطن. وكان لهذه الصحيفة دور كبير في حركة التحرير. إنه قضى ثلاثة شهور في السجن بسبب مقالة نشرها في هذه الصحيفة انتقد فيها بعض سياسات الحكومة الهندية، ولم تكتفِ الحكومة بذلك، بل قامت أيضًا بمصادرة الصحيفة.
· في عام 1924م ذهب إلى ساران حيث عمل رئيسا للقضاء، وأدّى دورًا كبيرًا في تعميم التعليم في المديرية.
· في عام 1926م، خاض مولانا مظهر الحق انتخابات المجلس التشريعي لولاية بيهار، لكنه لم يحقق الفوز. فقد امتنع المسلمون عن التصويت له لاعتقادهم بأنه مؤيد للهندوس، بينما لم يصوت له الهندوس لأنه مسلم. وأدى هذا الموقف إلى شعور مظهر الحق، الذي كان رمزًا للوحدة بين الهندوس والمسلمين، بخيبة الأمل والإحباط، مما دفعه إلى الانفصال عن السياسة.
· في عام 1927م حاول حزب المؤتمر الوطني في جعله رئيسا لجلستها في مدراس، ولكنه رفض.
فتأثر مظهر الحق تأثرًا كبيرًا بفلسفة المهاتما غاندي وسلوكه. ومن تأثيره في حياة مظهر الحق قبوله لقب "مولانا" الذي منحه المهاتما غاندي. ولم يكن مظهر الحق متخرّجا في مدرسة إسلامية، ولم يحصل على شهادة إسلامية، بل كان محاميًا بارعًا درس القانون في بريطانيا. وخلال مسيرته في خدمة الهند وشعبها، أعفى لحيته، مما جعله يبدو بمظهر يشبه رجال الدين المتخرجين في المدارس الإسلامية. وكان المهاتما غاندي يلقبّه بـ "مولانا" حبًا واحترامًا له. ورغم أن العديد من الساسة والمؤرخين قد أغفلوا خدمات مولانا مظهر الحق المرموقة في مجالات السياسة والتعليم والأعمال الخيرية، فإن اسمه سيبقى في أذهان الهنود لمدة مديدة، تقديرًا لإسهاماته الوطنية المتميزة.