رضوان الرحمن
تعد دولة الكويت من البلدان الغنية في الثروة المعدنية، كما تزدهر تجارتها الخارجية واستثماراتها المتزايدة في مختلف القطاعات في الشركات الدولية في أنحاء العالم. وحسب آراء الخبراء سيستمر نمو اقتصاد الكويت في الأيام القادمة بسبب سياسة الكويت الإيجابية في توسيع نشاطاتها في جميع المجالات ولا سيما مجالات غير تقليدية وتعزيز الشراكة الإقليمية والدولية لبناء مستقبلها الباهرة.
تمتاز دولة الكويت بثرواتها المعدنية ولا سيما ثروة النفط التي تستمر استكشافاتها الجديدة في مختلف أنحائها برًا وبحرًا ولكن جميعها مستمد مباشرة وغير مباشرة عن طريق الاستثمارات الخارجية سواء إنتاج النفط أو معالجته. وحسب إحصائيات الحكومة الكويتية، كان العنصر الأكثر حيوية في التنمية الاقتصادية للكويت هو التوسع السريع في مجال النفط منذ أكثر من نصف قرن.
تنتج دولة الكويت حوالي ثلاثة ملايين برميل من النفط يوميًا الذي يجعلها من الدول الرائدة في جميع أنحاء العالم في هذا القطاع. وهي من أكبر البلدان المصدرة للنفط ومن أعضاء منظمة أوبك. ويمثل النفط حاليًا حوالي 95% من صادراتها الذي يشكّل حوالي 90% من عائداتها من الصادرات الحكومية. وتمتلك الكويت حوالي 7% من احتياطيات النفط العالمية وتبلغ صلاحيتها الإنتاجية الحالية حوالي 3.15 مليون برميل يوميًا ولكنها تنتج حوالي ثلاثة ملايين برميل من النفط فقط. وقد انتعش الاقتصاد الكويتي في العقود الماضية بسبب الانتعاش في مستويات الدخل وارتفاع أسعار النفط بشكل ملحوظ. وتنتج دولة الكويت أيضًا كميات هائلة من الغاز الطبيعي من مختلف حقولها برًا وبحرًا.
تساهم أنشطة قطاع الصناعات في الكويت في الناتج المحلي الإجمالي وقدره 10%، وهي تشمل المنتجات البترولية والنفط المكرر والبتروكيماويات والأسمدة. كما تشمل المنتجات المصنعة الأخرى الأقل أهمية وهي الملابس والأزياء والمنتجات المعدنية المصنعة والمواد الكيميائية والآلات غير الكهربائية.
إن القطاعات غير النفطية من اقتصاد الكويت ضعيفة. ولا يشكّل كل من الزراعة والصناعة والتجارة سوى نسبة صغيرة من الناتج المحلي الإجمالي. والحقيقة هي أن الظروف الجغرافية والمناخية لا تتيح إلا إمكانيات محدودة لتنمية الزراعة. ولا يصلح سوى مساحة صغيرة من الأراضي للزراعة، وبسبب ندرة المياه ونقص التربة ونقص العمال المدربين على المهارات الزراعية، فإن جزءًا صغيرًا من تلك المساحة من الأرض يستخدم للأنشطة الزراعية فعلا. وقد أدّى التلوث الناجم عن التسرب للنفط وحرق الآبار تحت الاحتلال إلى إعاقة التنمية الزراعية في أعقاب الحرب. ولذلك تستورد الكويت أكثر من 96% من غذائها من الخارج.
إن الأسماك وفيرة في الخليج العربي، وكان صيد الأسماك في الكويت صناعة رائدة قبل اكتشاف النفط. ولا تزال تواصل شركة مصايد الأسماك المتحدة في الكويت هذا التقليد اليوم. وكان الروبيان من إحدى السلع إلى جانب النفط التي استمرت الكويت في تصديرها بعد الحرب العالمية الثانية. ولكن الإفراط في صيد الأسماك من قبل العديد من دول الخليج قد أدّت إلى تقليص كمّيات صيد الأسماك والروبيان إلى حد كبير. كما ألحقت الحرب الأضرار بالبيئة، والذي سبّب التراجع في صيد الأسماك. وتجري هذه الأيام أنشطة صيد الأسماك التجارية على نطاق واسع في مناطق بعيدة مثل المحيط الهندي والبحر الأحمر.
لم تستثمر الكويت إلا بشكل طفيف في الصناعة المحلية. ونتيجة لذلك، فإن كل الكويتيين العاملين تقريبًا يعملون للدولة وخاصة في مجال التعليم وهناك نسبة ضئيلة منهم يعملون في صناعة النفط. فلذا تنفق الحكومة نحو ثلث عائداتها على الرواتب. ولا تؤدي السياحة إلا دورًا صغيرًا في اقتصاد البلاد.
تنويع الكويت اقتصادها: خطوة إلى الأمام
بينما كانت ثروة الكويت النفطية عمودًا رئيسًا لازدهارها، فإن البلاد تدرك أهمية الحد من اعتمادها الاقتصادي على هذا المورد الوحيد. والآن يتم الاعتراف بالاعتماد الشديد على عائدات النفط باعتباره نقطة ضعف، خاصة في مواجهة أسعار النفط العالمية المتقلّبة. فلمعالجة هذا الضعف بدأت الكويت تنويع اقتصادها والحدّ من اعتمادها على النفط. وتشمل الآن الرؤية الاستراتيجية للبلاد توسيع قطاعاتها غير النفطية، وتعزيز كفاءة القطاع العام، وتعزيز الأنشطة الاقتصادية الجديدة. وقد قطعت الحكومة خطوات كبيرة في هذا الاتجاه. وقامت حكومة الكويت في الآونة الأخيرة تعزيز الإصلاحات الأساسية التي تهدف إلى تمهيد الطريق لتغييرات جوهرية في الحوكمة والسياسات الاقتصادية، ممّا يمثّل ما يطلق عليه العديد من المراقبين "العصر الجديد" للكويت.
على الرغم من التحديات المرتبطة بالاعتماد على النفط، فإن الإصلاحات الجارية في الكويت وجهود التنويع تقدّم فرصًا عديدةً للنمو والازدهار. وإنّ المبادرات الاستراتيجية التي تتبناها الدولة مصمّمة لخلق اقتصاد أكثر استدامة ومرونة، مع التركيز على تعزيز الحوكمة والاستثمار في البنية الأساسية وتشجيع الصناعات الجديدة. وتمرّ الكويت بفترة من التغيير الكبير الذي يدفعه التزامها بالتنويع الاقتصادي والتنمية المستدامة. وبفضل الأساس المتين في صناعة النفط والإصلاح فيها، فإن الدولة في وضع جيد لاغتنام فرص جديدة وتأمين مستقبل مزدهر.
الشراكة الاقتصادية والتجارية بين الهند والكويت
العلاقات الاقتصادية والتجارية بين الهند ودولة الكويت لها أبعاد متنوعة. كانت الهند ولا تزال -منذ العقود الماضية- من بين أكبر الشركاء التجاريين للكويت. وقد بلغ إجمالي التجارة الثنائية مع الكويت خلال السنة المالية الجارية إلى 10.47 مليارات دولار أمريكي. وارتفعت الصادرات الهندية إلى الكويت إلى 2.1 مليار دولار أمريكي في العام الجاري وهي تنمو بنسبة 34.7٪، وأهمّ السلع الخمس التي تصدّرها الهند هي أجزاء الطائرات والحبوب والمواد الكيميائية والسيارات والآلات الكهربائية. وقد استثمرت في السنوات الماضية في دولة الكويت عددٌ كبير من الشركات الهندية الكبيرة مثل تـي سي آي إيل، ونيو إنديا أشورانس، وإيل آي سي، وأورينتال إنشورانس وغيرها، من خلال تعاونها مع الشركات الكويتية المحلية. كما فتحت شركات أير إنديا، وإنديغو، وآكاسا، وإيل إيند تي، وشابوجي بالونجي، وتيري، وويبرو، وتاتا، وأشوك ليليند، وكيه إي سي، وكيرلوسكار وغيرها من الشركات الهندية مكاتبها في دولة الكويت لتعزيز أنشطتها التجارية. ومن الجدير بالذكر أن هيئة الاستثمار الكويتية استثمرت في الهند أكثر من 10 مليارات دولار حتى الآن، في عدة قطاعات، والذي يشير إلى تعزيز العلاقات الاقتصادية بين البلدين.
يبلغ عدد الهنود المتوافدين في الكويت مليون نسمة تقريبًا، وهي أكبر جالية مغتربة في الكويت. ويتواجد في الكويت العديد من المتخصصين مثل المهندسين والأطباء والمحاسبين القانونيين والعلماء وخبراء البرمجيات ومستشاري الإدارة والمهندسين المعماريين والفنيين والممرضات وتجار التجزئة ورجال الأعمال، على الرغم من أن نسبة كبيرة منهم تتكون من عمال غير مهرة وشبه مهرة. وقد نجحت الشركات الهندية في الكويت في ترسيخ مكانتها في السوق الكويتية في مجال البيع بالتجزئة. ويتواجد العديد من مثل هذه الشركات في الكويت منذ جيلين أو ثلاثة أجيال. وقد ساهم وجود منافذ البيع بالتجزئة المملوكة للهنود غير المقيمين مثل لولو هايبر ماركت، فضلاً عن شركات التوزيع الكبيرة المملوكة للهنود غير المقيمين، في زيادة نطاق المنتجات الهندية في الكويت. وهناك أكثر من 200 جمعية هندية مسجلة لدى السفارة. وتهتم هذه الجمعيات بعقد برامج ثقافية والأنشطة الخيرية بانتظام.
اقرأ أيضًا:
وإن زيارة رئيس الوزراء ناريندرا مودي إلى دولة الكويت خلال الفترة من 21 إلى 22 ديسمبر الجاري، تمثل أول زيارة لرئيس وزراء هندي في 43 عامًا. ومن المتوقع أن تعزز هذه الزيارة العلاقات طويلة الأمد بين الهند والكويت في مختلف القطاعات، بما فيها التجارة والدفاع والطاقة. وستفتح هذه الزيارة آفاقًا جديدة في العلاقات الثنائية بين البلدين.
أ.د. رضوان الرحمن هو أستاذ بمركز الدراسات العربية والإفريقية ورئيسه سابقًا، جامعة جواهر لال نهرو، نيودلهي