توجد حدائق وطنية عديدة في كل أنحاء الهند، وتمتاز كل منها بالنباتات والحيوانات المحددة؛ بعضها تعرف بمحميات النمور والأسود والأفيال والغزلان والأخرى بالطيور والزواحف المفترسة والنباتات والأشجار النادرة. وتجذب الجميع الزوار من داخل الهند وخارجها. وإن حديقة كازيرانغا الوطنية هي إحدى الحدائق المعدودة التي تشتهر بالنمور والأفيال والزواحف، كما تشتهر بالغابات الكثيفة وملجأ حيوانات الوحش والقرود المتنوعة التي لا توجد في غابات الهند الأخرى. ولهذا السبب، تعتبر حديقة كازيرانغا الوطنية من أحد مواقع التراث العالمي.
ويوجد في الهند عدد كبير من المتنزهات والحدائق الوطنية والغابات والمحميات التي تم إنشاؤها لحماية النباتات والحيوانات. وبعضها قديمة جدًا، بينما تم إنشاء العديد منها مؤخرًا. وبعضها حدائق وطنية تضم أنواعًا مختلفة من الطيور بالإضافة إلى الغزلان والأبقار والجواميس. ولا توجد مثل هذه الحدائق الوطنية على البر فحسب، بل إنها تمتد أحيانًا إلى الأراضي الرطبة والأنهار والبحار. ولكن هناك عامل مشترك بين كل هذه الحدائق، وهو أن جميعها حدائق طبيعية.
وتم تأسيس حديقة كازيرانغا في عام 1905م. وهي حديقة وطنية تقع في مديريتي جولاغات وناجاون بولاية آسام الهندية. وتستضيف ثلثي عدد الكركدن وحيد القرن الموجود في العالم. وتضم حديقة كازيرانغا أكبر عدد من النمور مقارنة بالمناطق المحمية في العالم كله، ولذلك تم إعلانها محمية للنمور في عام 2006م. وتُعتبر الحديقة موطنًا لعدد كبير من الأفيال وجاموس الماء البري وغزال المستنقعات. كما تُعرف كازيرنغا بأنها منطقة الطيور المهمة حسب جمعية الطيور العالمية التي تعمل في مجال حماية أنواع الطيور. ومقارنة بالمناطق المحمية الأخرى في الهند، حققت حديقة كازيرانغا نجاحًا ملحوظًا في حماية الحياة البرية. وتعتبر الحديقة التي تقع على حافة جبال الهيمالايا الشرقية نقطة ساخنة للتنوع البيولوجي وأنواع الحيوانات الكبيرة ومناظر الطبيعة الجذابة. وتتمتع حديقة كازيرانخا بوجود غزير لعشب الفيل الطويل والسبخات والغابات الرطبة الاستوائية وتتقاطع فيها أربعة أنهار رئيسة؛ ومنها نهر براهمابوترا، والتي تخلق عديدًا من المستنقعات الصغيرة والكبيرة اللازمة لبقاء الكركدن والتماسيح وعدد كبير من الحيوانات الأخرى.
وتبلغ مساحة هذه الحديقة 430 كيلومترًا مربعًا، وينتشر فيها ميدان عشب الفيل والبحيرات المستنقعية والغابات الكثيفة، وهي موطن لأكثر من 2200 كركدن وحيد القرن الهندي، أي ما يقرب من ثلثي إجمالي عددهم في العالم. وزيادة العدد في الكركدن وحيد القرن الكبير وهو نوع مهدد بالانقراض هو نتيجة مجهودات الحفاظ عليه التي بدأت قبل عقود. وتأسست الحديقة في عام 1905م بناءً على توصية من ماري كرزون، واعترفتها اليونيسكو بموقع من مواقع التراث العالمي في عام 1985م. ويقال إن ماري كرزون، زوجة نائب الملك في الهند اللورد كرزون، زارت الحديقة لرؤية الكركدن وحيد القرن الهندي ولكن لم تتمكن من العثور عليه. فأقنعت زوجها باتخاذ تدابير عاجلة لحماية الأنواع المنقرضة من الحيوانات. فتم إصدار الأمر لبدء التخطيط لحمايتها. وبعد سلسلة من الاجتماعات، تم إنشاء محمية كازيرانغا المقترحة بمساحة 232 كيلومترًا مربعًا في عام 1905م وزادت مساحتها بعد استقلال الهند في مختلف المراحل.
وإلى جانب الكركدن الكبير الشهير، تعد الحديقة موطنًا طبيعيا للفيل والجاموس البري وغزال المستنقع. وبمرور الزمن، زاد عدد النمور أيضًا في كازيرانغا لتصبح محمية من محميات النمور. كما تم اعتراف الحديقة بمنطقة طيور مهمة. وتهاجر إليها طيور مثل الوزة البيضاء الصغيرة والبط البري وبطة بير واللقلق أسود الرقبة واللقلق الآسيوي مفتوح المنقار بشكل خاص من آسيا الوسطى خلال فصل الشتاء.
وإن الحديقة معروفة بالحيوانات والطيور، ولكن أكثر من ذلك فإن مبادرات الحفاظ على الحياة البرية التي اتخذتها الحكومة الهندية تحظى بشعبية أكبر. وبفضل أنشطتها المذهلة في الحفاظ على الحياة البرية، فإن المساحة الشاسعة من عشب الفيل الطويل والمستنقعات والغابات الاستوائية الرطبة الكثيفة تجعل الحديقة جميلة ولكن وجود نهر براهمابوترا وقنواتها المتعددة يجعلها منطقة ساحرة وغامضة.
ونظرًا لاختلاف الارتفاع بين المناطق الشرقية والغربية من الحديقة، توجد هناك أربعة أنواع رئيسة من النباتات مثل الأعشاب المغمورة بالمياه وغابات السافانا والغابات الاستوائية الرطبة المختلطة متساقطة الأوراق، والغابات الاستوائية شبه دائمة الخضرة. وتعد أشجار الكومبي والكشمش الهندي وشجرة القطن وتفاح الفيل من بين الأشجار الشهيرة التي توجد بكثرة في الحديقة. كما توجد مجموعة جيدة من النباتات المائية في البحيرات والبرك وعلى طول ضفاف الأنهار.
والحيوانات الأخرى التي يمكن أن يراها الزوار في عشب الفيل والمستنقعات والغابات الاستوائية الرطبة الكثيفة في كازيرانغا هي نمر البنغال والخنزير البري الهندي والبنغولين والغور الهندي والسامبار والغزلان النباح والجيبون ذو الحاجب الأبيض وقرد الأوراق والفهد والدب الكسلان والنيص الهندي وقط الصيد وقط الغابة والزباد الهندي الكبير والزباد الهندي الصغير والنمس الرمادي الهندي والنمس الهندي الصغير والثعلب البنغالي وابن آوى الذهبي وقضاعة المياه والغرير الصيني وغرير الخنزير ودلفين نهر الغانج والدلافين نهر السند ونجاب الهيمالايا ذو البطن البرتقالي والدب الأسود الآسيوي وغيرها من الحيوانات والزواحف.
ويدعم المناخ المعتدل وتوافر موارد غذائية كافية نمو وبقاء الحياة البرية الفريدة والمتنوعة في حديقة كازيرانغا الوطنية. كما تبذل سلطة الحديقة مجهوداتها لحماية ومعالجة الحيوانات ليلا ونهارا وإيقاف عمليات الصيد غير القانونية داخل الحديقة وجمع المعلومات عن عددها المستمر. وتؤدي هذه السياسة إلى زيادة عدد الحيوانات بمرور الأيام.
وتكون الحديقة مفتوحة للزوار من شهر إبريل إلى سبتمبر ومن شهر نوفمبر إلى فبراير. ويمكنهم رؤية قطعان الأفيال البرية التي يصل عددها أحيانًا إلى 200، وهي تهاجر من تلال ميكير إلى البحيرات، مما يوفر أروع منظر لمحبي الحياة البرية. كما يمكن أن يرى الزوار الكركدن في طرقات الغابة أو المروج وعند المستنقعات. وتقدم هيئة الحديقة للزوار تسهيلات لزيارة عدة مناطق الحديقة إما بالسيارات الخاصة وبالأفيال المتدربة لهذا الغرض. ويزور الحديقةَ آلاف من الزوار كل سنة من الهند وخارجها ويزداد العدد كل سنة. وفي السنة الماضية بلغ عدد الزوار مئة وخمسين ألف زائر.
اقرأ أيضًا: ولاية مادهيا براديش: تجربة سياحية فريدة تجمع بين التراث والطبيعة والاستدامة
وإن مثل هذه الحدائق والمحميات توفر متعة للزوار وتدعم مساعي الحفاظ على الحيوانات والنباتات. كما تتيح للخبراء مجالاً لإجراء دراسات تتعلق بالحيوانات البرية وتساند الاقتصاد المحلي الذي يستفيد من زيادة الزوّار والسياح كل عام.