ثاقب سليم: نيو دلهي
إنها حقيقة غير معروفة أن المملكة العربية السعودية أدّت دورًا مهمًا في النضال الهندي من أجل الحرية. وكانت هذه الدولة هي الدولة الوحيدة خارج الهند البريطانية التي قدّمت الدعم للثوار الهنود خلال 150 عامًا من النضال من أجل الحرية.
في بداية الحرب العالمية الثانية، خطّط نيتاجي سوبهاش تشاندرا بوس لإرسال رجاله للحج، وتحت هذا الغطاء، كان عليهم تجنيد أشخاص مناهضين لبريطانيا في الجيش الوطني الهندي (آزاد هند فوج). وفي ذلك الوقت كان الثوار الهنود يعملون من الحجاز (المملكة العربية السعودية الآن).
وقبل إعلان معركته ضد البريطانيين خلال الحرب العالمية الثانية، التقى بوس بمولانا عبيد الله السندي في عام 1939م. وكان السندي ثوريًا هنديًا شكّل حكومة الهند الحرة (المؤقتة) في المنفى مع رَاجَا ماهيندرا براتاب وبركت الله في كابول في عام 1915م. وبعد الحرب العالمية الأولى قام بجولة في دول مثل روسيا وألمانيا وإيطاليا وغيرها لإنشاء تحالف لحرب استقلال الهند القادمة. وفي ثلاثينيات القرن العشرين، استقر السندي في مكة بعد أن مُنح حق اللجوء. وفي حين، زعمت المخابرات البريطانية أنه كان يدعو إلى القومية الهندية بين الحجاج المسلمين الذين يزورون المدينة المقدسة.
وتم إعداد خطة كبرى في مكة. وقدّمت المدينة واحدة من أفضل قنوات الاتصال إلى أجزاء أخرى من العالم بسبب الحج. وعاد السندي إلى الهند عام 1938م. ووفقًا لرسالة كتبها مولانا أبو الكلام آزاد إلى مولوي ظهير الحق، أخبره السندي بأنه يريد إرسال بوس إلى الخارج لخوض معركة أخيرة ضد البريطانيين. وكتب آزاد أن بوس والسندي التقيا في دلهي من أجل الحديث عن مستقبل النضال الهندي من أجل الحرية. والتقيا مرةً أخرى في كَلْكَتَّا (كولكاتا) بعد بضعة أشهر. وسلّم عبيد الله خطابات مرجعية ووثائق مهمة لتقديمها إلى السلطات اليابانية.
ولم يكن السندي أول ثوري هندي استخدم السعودية كقاعدة لعمله. وكانت الحكومة التي شكّلها عام 1915م في كابول جزءًا من خطة أكبر تُعرف باسم "حركة الرسائل الحريرية". وكان هذا تعاونًا بين العلماء والثوار البنغاليين وغيرهم لتحرير الهند من خلال ثورة مسلحة. وكان زعيم الحركة مولانا محمود حسن. إنه اُعتقل عام 1916م من الحجاز مع مولانا حسين أحمد مدني وعزيز غُل ووحيد أحمد وحكيم نصرت حسين وآخرين. وكان حسن ومدني يدرِّسان في مكة والمدينة ويؤثِّران أيضًا على الحجاج. وتم نفيهم إلى مالطا كأسرى حرب.
وكان مولانا محمود حسن رئيس دار العلوم بديوبند أيضًا عضوا في هذه المجموعة. وتعتبر ديوبند الحاج إمداد الله رئيسها الروحي. وأسّس تلاميذ إمداد الله المدرسة في ديوبند بعد عام 1857م لإعداد الثوار.
وذهب إمداد الله للحج عام 1845م، حيث وجّهه هندي آخر، شاه محمد إسحاق لمحاربة البريطانيين. وكتب إمداد الله: "إن أحوال الهند ليست مخفية، فالهند هي وطني الأم" وعاد إلى الهند عام 1846م. وفي مناطق مظفرناغار، وسهارانبور، وشاملي، بدأ بتكوين جيش بمساعدة تلاميذه مثل حافظ محمد ضامن، ومولانا قاسم النانوتوي، ومولانا رشيد أحمد الكنكوهي، ومولانا مظهر، ومولانا منير النانوتوي.
وحارب هذا الجيش بقيادة إمداد الله القوات البريطانية عام 1857م وحرّر شاملي. وحكمت حكومة مدنية البلدةَ لبضعة أيام قبل أن يستعيدها البريطانيون. وقُتل الآلاف من الناس، ولجأ إمداد الله إلى مكة. إنه وصل إلى مكة عام 1859م واستخدمها كقاعدة لنشر الأفكار المناهضة للاستعمار البريطاني بين الحجاج.
لماذا طلب إسحاق الذي كان يعيش في مكة من إمداد الله أن يقاتل من أجل استقلال الهند؟ في عام 1821م، قام سيد أحمد شهيد برحلة إلى مكة والمدينة. إنه كان عالمًا إسلاميًا وجنديًا في قوات المراثا. وعندما وقّع المراثا معاهدة مع البريطانيين، ترك سيد أحمد جيشهم وتوجّه إلى مكة مع مجموعة من الناس. ولدى عودته من الحج اُستشهد أثناء قتال البريطانيين.
وفي العشرينيات والثلاثينيات والأربعينيات من القرن الماضي، أثارت المخابرات البريطانية عدة إنذارات مع السلطات السعودية لتفتيش الثوار الهنود في مكة والمدينة وجدة. وقام الثوار الهنود باسم الحج بزيارة المملكة العربية السعودية للقاء بعضهم البعض بحرية. وكانت المخابرات البريطانية تراقبهم. وتُظهر مذكِّرات كل هؤلاء الثوار أن العرب المحليين دعموا قضيتهم ومهمتهم بشكل كامل.