إيمان سكينة
الاستقلال المالي والادخار ليسا مجرد وسائل لتحقيق الأمن الاقتصادي، بل إنهما متجذران بعمق في المبادئ الإسلامية. وتؤكد الشريعة الإسلامية على المسؤولية المالية، وإدارة الثروة بشكل أخلاقي، وأهمية الادخار لضمان رفاهية الفرد، واستقرار الأسرة، وتنمية المجتمع. وبالنسبة إلى المرأة المسلمة، يؤدي الادخار دورًا حيويًا في الوفاء بالالتزامات الدينية والعملية على حد سواء.
وتُعتبر المسؤولية المالية في الإسلام واجبًا أخلاقيًا لكل من الرجال والنساء. ويشجع القرآن الكريم والسنة النبوية المسلمين على إدارة أموالهم بحكمة، وتجنب الإسراف، والاستعداد لمواجهة تقلبات المستقبل. ويقترن مبدأ التوكل على الله (الثقة بالله) بمبدأ الأخذ بالأسباب (السعي والعمل)، مما يؤكّد على أهمية اتخاذ المسلمين خطوات عملية، مثل الادخار والتخطيط، لضمان مستقبلهم المالي.
وتتمتع المرأة المسلمة، مثل الرجل، بحق امتلاك الممتلكات، وكسب الدخل، وإدارة أموالها بشكل مستقل. ويضمن القانون الإسلامي هذا الاستقلال المالي، مما يمكّن المرأة من الادخار والاستثمار لمستقبلها وأطفالها ومجتمعها.
وبالنسبة إلى المرأة المسلمة، يمثل الادخار أكثر من مجرد أمان مالي؛ فهو يعبر عن الاستقلالية والاستقرار والتمكين. سواء كان ذلك لتعليمها، أو للرعاية الصحية، أو لدعم احتياجات الأسرة، أو لبدء مشروع تجاري، فإن الادخار يمنحها القدرة على اتخاذ قرارات مالية مستنيرة دون الاعتماد الكامل على الآخرين.
كما يتيح الادخار للمرأة أداء واجباتها الدينية، مثل دفع الزكاة والمساهمة في الأعمال الخيرية. وهذا لا يضمن لها تحقيق الرضا الروحي فحسب، بل يعزز الشعور بالمسؤولية الاجتماعية.
وقدّمت المؤسسات المالية الإسلامية منتجات ادخارية متوافقة مع الشريعة الإسلامية مصممة خصيصًا للمرأة. وتشمل هذه المنتجات حسابات ادخار خالية من الفوائد، وفرص الاستثمار الحلال، ومبادرات التمويل الأصغر التي تهدف إلى تمكين المرأة اقتصاديًا مع مراعاة التزامها بمبادئ دينها.
وعندما تُشجَّع المرأة المسلمة وتُدعَم على الادخار، فإن الفوائد تمتد إلى ما هو أبعد من الأسر الفردية. فالنساء اللاتي يدخرن يصبحن أكثر قدرة على التعامل مع الطوارئ المالية، والمساهمة في نفقات الأسرة، ودعم تعليم أطفالهن، وحتى بدء مشاريع ريادة الأعمال. وهذا يخلق تأثيرًا إيجابيًا ليُحدث تغييرًا اقتصاديًا واجتماعيًا في مجتمعاتهن.
وتواجه المرأة المسلمة تحديات مختلفة، مثل الفقر، وعدم المساواة بين الجنسين، والأمية، والعنف القائم على النوع الاجتماعي. وقد حدت كل هذه العوامل من التعبير عن حقوق المرأة المسلمة وحالت دون وصولها إلى فرص الاستثمار والادخار.
ومن دواعي التعاطف أن نرى أن النساء المسلمات ملتزمات للغاية بأسرهن ودينهن. ورغم هذا الالتزام، فإنها تواجه صعوبات وتحديات تستدعي التصحيح. فمن الضروري تعزيز التنمية الاقتصادية وتحسين الهياكل الاجتماعية والسياسية، لضمان تعزيز حقوق المرأة المسلمة في الادخار والاستثمار.
وتُعد حاجة المرأة المسلمة للادخار ضرورة دينية وعملية في آنٍ واحد. ومن خلال مواءمة الممارسات المالية مع المبادئ الإسلامية ومعالجة الحواجز الثقافية، يمكننا إنشاء نظام مالي شامل يُمكّن المرأة المسلمة ويعزز استقلالها الاقتصادي.
اقرأ أيضًا: رئيس هيئة البيئة في عمان: عُمان والهند تربطهما علاقة قوية وعميقة للغاية
فإن تعزيز الثقافة المالية، وتوسيع الوصول إلى المنتجات الادخارية المتوافقة مع الشريعة الإسلامية، وتهيئة البيئة الداعمة هي خطوات أساسية لتحقيق هذا الهدف. ومن خلال القيام بذلك، فإننا لا نحترم التعاليم الإسلامية فحسب، بل نمهد الطريق لمجتمعات أقوى وأكثر مرونة.