حديقة هيميس الوطنية – محمية نمور الثلج

25-04-2025  آخر تحديث   | 25-04-2025 نشر في   |  آواز دي وايس      بواسطة | رضوان الرحمن 
حديقة هيميس الوطنية – محمية نمور الثلج
حديقة هيميس الوطنية – محمية نمور الثلج

 


رضوان الرحمن*

حديقة هيميس الوطنية هي حديقة وطنية شهيرة تقع في منطقة كاراكورام-غرب التبت في هيميس بمنطقة ليه في لداخ، بالهند، وتشتهر عالميًا بكونها موطنًا لنمور الثلج وبعض أنواع الحيوانات والنباتات المهددة بالانقراض. وتم إنشاء الحديقة أصلا لحماية حوضي النهرين اللذين يُعتبران من مصادر الحياة والثروة في إقليم لداخ الاتحادي.

تقع حديقة هيميس الوطنية على بعد خمسين كيلومترا عن مدينة ليه، عاصمة لداخ. وتُعرف عالميًا بأنها موطن لنمور الثلج. ووفقًا للإحصائيات الحالية، فإنها تضم أكبر عدد من نمور الثلج في أي منطقة محمية في العالم. وهذه هي الحديقة الوطنية الوحيدة في الهند التي تقع شمال جبال الهيمالايا، وتُعدّ أيضًا أكبر منطقة محمية أي حديقة وطنية في الهند، وثاني أكبر محمية بعد محمية ناندا ديفي والمناطق المحيطة بها.

وتُعد الحديقة موئلاً لعدد من أنواع الحيوانات المهددة بالانقراض، بما في ذلك نمر الثلج. وتقع الحديقة ضمن منطقة كاراكورام-غرب التبت البيئية، وهي منطقة سهوب مرتفعات الألب، وتوجد فيها غابات الصنوبر، ومناطق الشجيرات، والمروج الجبلية ونباتات التوندرا الجبلية.

وتأسست حديقة هيميس الوطنية عام 1981م بهدف حماية حوضي نهري رومباك وماركا، وبلغت مساحتها آنذاك 600 كيلومتر مربع. وفي عام 1988م، تم توسيعها بضم الأراضي المجاورة، لتصل مساحتها إلى 3350 كيلومترًا مربعًا. وأخيرًا، في عام 1990م، زادت مساحتها مرة أخرى لتصل إلى 4400 كيلومتر مربع، وبهذا أصبحت أكبرَ حديقة وطنية في جنوب آسيا.

الحيوانات والطيور في حديقة هيمس الوطنية

تُعد حديقة هيميس الوطنية من مواطن نمور الثلج، ويقدَّر عددها الحالي بحوالي 200 نمر، وبالخصوص في منطقة حوض نهر رومباك. ويعتمد هذا الحيوان المفترس بشكل رئيس على فرائسه الطبيعية المتواجدة بكثرة في مرتفعات آسيا الوسطى، مثل: الأرغالي (خروف التبت)، والبهارال (الخروف الأزرق)، والشابو (أوريال لداخي)، بالإضافة إلى المواشي. كما يوجد في الحديقة عدد قليل من الوعل الآسيوي. وهي الموطن الوحيد في الهند الذي يعيش فيه الشابو أي أوريال لداخي.

وتحتضن الحديقة أيضًا الذئب التبتي، والدب البني الأوراسي المهدد بالانقراض في الهند، والثعلب الأحمر. كما تضم الحديقة عددًا كبيرًا من الثدييات الصغيرة مثل: مرموط الهيمالايا، وابن عرس الجبلي، وأرنب الهيمالايا الذي يشبه الفأر.

وتعد الحديقة كذلك موطنًا مهمًا للطيور الجارحة. وبحسب المعلومات الموجودة لدى إدارة الحديقة، تُوجد داخل الحديقة أنواع عديدة من الطيور الجارحة مثل: النسر الذهبي، ونسر لامرجيه، ونسر غريفون الهيمالايا. ولذلك، توفّر الحديقة ووادي رومباك فرصًا مميزة للزوار لمشاهدة طيور نادرة ومتنوعة، منها العديد من الأنواع التبتية غير المعروفة في أجزاء أخرى من الهند. والطيور المتواجدة في الحديقة هي: الحسون البني، وأبو الحناء، والهازج، وحسون الورد المخطط، وحسون الثلج أسود الأجنحة، والسنوفينش، والشوكار، وبليث سريع الطيران، والغراب أحمر المنقار، وديك ثلج الهيمالايا، والنعار ذو الجبهة النارية.

ووفقًا للإحصائيات الأخيرة، تضم حديقة هيميس الوطنية 16 نوعًا من الثدييات و73 نوعًا من الطيور، معظمها لا يوجد في مناطق أخرى من البلاد.

الشجيرات والنباتات في الحديقة

تقع هذه المنطقة في منطقة ظل جبال الهيمالايا، فلا تتلقى كميّات كبيرة من الأمطار. ولذلك، تنتشر فيها غابات العرعر الجافة، وغابات الحور والصفصاف، وأشجار البتولا والتنوب الجافة شبه الألبية في المرتفعات المنخفضة. وتنبت في هذه المنطقة أشجار الألب ونباتات السهوب بشكل رئيس. كما تنتشر هذه الأشجار والشجيرات عبر الوديان.

ونظرًا لرطوبة المنحدرات الجبلية العليا، تتميز هذه المنطقة بنباتات جبال الألب، بما في ذلك شقائق النعمان، والجنطيانا، والثاليكتروم، واللويديا، والفيرونيكا، والدلفينوم، والكاركس، والكوبريزيا. وأما الأجزاء الأخرى من الحديقة فهي تدعم نباتات السهوب التي تهيمن عليها نباتات الكاراغانا، والشيح، والستاخيس، والإفيدرا المنتشرة على طول مجاري الأنهار السفلية.

وتشير دراسة أجراها مركز سي بي كالا للأبحاث إلى وجود 15 نباتًا طِبيًا نادرًا ومهددًا بالانقراض في الحديقة، من بينها: أكانثوليمون ليكوبوديويدس، وأرنيبيا يوكروما، وشيح ماريتيما، وبيرجينيا ستراشي، وإفيدرا جيرارديا، وفيرولا جايشكينا، وهيوسياموس نيجر.

الإدارة والقضايا المتعلقة بحديقة هيميس الوطنية

يعيش أكثر من ألفي شخص داخل حدود الحديقة، ومعظمهم من الرعاة الذين يربّون الدواجن والماعز والأغنام. وتؤدّي هذه الأنشطة  إلى صراع كبير بين الحيوانات والإنسان داخل هذه المنطقة. وتتغذّى نمور الثلج على الماشية، وتقتل أحيانًا حيوانات من قطيع واحد في عملية صيد واحدة، ويُعزى ذلك إلى الرعي الجائر للماشية. كما أفاد سكّان هذه المنطقة بوجود أضرار في المحاصيل الناجمة عن البهارال.

وتتولى إدارة وحماية الحياة البرية التابعة لحكومة جامو وكشمير المسؤولية الإدارية للحديقة. ويُحظر أي نشاط داخل الحديقة إلا بتصريح خاص صادر عن الضابط الكبير للحفاظ على الحياة البرية في منطقة جامو وكشمير. وقد أطلقت الإدارة العديد من المشاريع الهادفة إلى الحفاظ على التنوع البيولوجي وتحسين سبل العيش الريفية في لداخ وحديقة هيميس الوطنية، ومنها؛ مشروع نمور الثلج الذي يهدف إلى الحفاظ على المحيط الحيوي للهيمالايا بأكمله. وقد بدأ هذا المشروع عام 2004م، ولكن تم إطلاقه رسميًا في عام 2009م.

السياحة البيئية في حديقة هيميس الوطنية

تشتهر حديقة هيميس الوطنية عالميًا بالحياة البرية الفريدة والمناخ المميز والتضاريس الساحرة، ولهذا يتوافد إليها عدد كبير من السياح الهنود والأجانب كل عام، فيفتح لهم القرويون منازلهم. ولقد أصبحت في السنوات القليلة الماضية مثل هذه الأنشطة السياحية من أهم مصادر الدخل لسكان هذه المنطقة. كما فُتحت المحلات والمراكز التجارية التي تبيع منتجات الحرف اليدوية المحلية التي تلقى رواجًا بين السياح.

وتوفر الحديقة عددًا من مسارات الرحلات من منتصف شهر يونيو إلى منتصف شهر أكتوبر، ويعد بعضها من بين المسارات الأكثر شعبية في لداخ. كما تعرف حديقة هيميس الوطنية بأنها وجهة مفضلة لرحلات تسلق الجبال، حيث تجذب قمم مثل ستوك كانغري (6,153 مترًا) وكانغ ياتسي (6,496 مترًا) أعدادًا كبيرة من المتسلقين سنويًا.

ولقد أصبحت الحديقة وجهةً بارزة للسياح الراغبين في رؤية نمر الثلج، ويعد أواخر الشتاء هو أفضل موسم لمشاهدته. ومن أبرز الفعاليات الثقافية في المنطقة مهرجان هيميس الذي يُقام في دير هيميس التاريخي خلال فصل الصيف.

ويمكن الوصول إلى حديقة هيميس الوطنية من العاصمة الهندية نيو دلهي أو من مدن هندية أخرى سواء بالطائرة أو بالسيارة أو بالحافلة، حيث تصل جميعها إلى مدينة ليه، عاصمة لداخ. ومن هناك، تنقل السيارات أو الحافلات الصغيرة الزوّار إلى الحديقة.

وفي السنوات الأخيرة، بدأ السياح يصلون إلى هذه المنطقة راكبين دراجات نارية، قادمين من سريناغار عاصمة جامو وكشمير، وأيضًا من مدينة مانالي في ولاية هيماتشال براديش.

اقرأ أيضًا: وادي الزهور - حديقة وطنية ساحرة

فتعد حديقة هيميس الوطنية من الحدائق العالمية القليلة التي تقع في المناطق الجبلية المرتفعة. وتشتهر بكونها موطنًا لنمور الثلج والدب والنسر، بالإضافة إلى مختلف أنواع الشجيرات والأشجار النادرة التي لا توجد إلا في هذه المنطقة من لداخ. وقد بدأت الأنشطة السياحية في السنوات الماضية تساهم في زيادة دخل السكان المحليين، إلا أنها تشكل في الوقت نفسه خطرًا كبيرًا على البيئة. ويبقى سحر حديقة هيميس الوطنية حاضرا في ذاكرة الزوّار طوال حياتهم، ويشجّعهم على العودة إليها مرارًا وتكرارًا.

*أستاذ بمركز الدراسات العربية والإفريقية ورئيسه سابقًا، جامعة جواهر لال نهرو، نيودلهي