زيارة رئيس الوزراء مودي إلى السعودية تعمّق العلاقات بين البلدين

22-04-2025  آخر تحديث   | 22-04-2025 نشر في   |  آواز دي وايس      بواسطة | آواز دي وايس 
زيارة رئيس الوزراء مودي إلى السعودية تعمّق العلاقات بين البلدين
زيارة رئيس الوزراء مودي إلى السعودية تعمّق العلاقات بين البلدين

 


محمد مدثر قمر*

شهدت العلاقات بين الهند والمملكة العربية السعودية ازدهارًا ملحوظًا في السنوات الأخيرة، لا سيما مع قرار البلدين الارتقاء بها إلى مستوى الشراكة الاستراتيجية الشاملة. وبناءً على ذلك، شكّل الجانبان مجلس الشراكة الاستراتيجية الهندي السعودي خلال زيارة رئيس الوزراء ناريندرا مودي إلى المملكة في أكتوبر 2019م. وعُقد أول اجتماع لقادة مجلس الشراكة الاستراتيجية في سبتمبر 2023م خلال زيارة ولي العهد، رئيس مجلس الوزراء السعودي محمد بن سلمان إلى الهند.

وازدهرت العلاقات التاريخية بين البلدين في السنوات الأخيرة، حيث شكّل أمن الطاقة، والوافدون، والتجارة والاستثمارات، والتبادل الثقافي، والتعاون الدفاعي والأمني ​​ركيزةً أساسيةً لها. وفي هذا السياق، من المتوقع أن تُعزّز العلاقات الثنائية خلال زيارة رئيس الوزراء مودي إلى المملكة يومي 22 و23 أبريل 2025م، وهي الزيارة الثالثة لرئيس الوزراء إلى المملكة منذ عام 2014م، وتُعمّق الشراكة الاستراتيجية. ومن أهم المجالات التي يُتوقع أن تكون محور المحادثات بين رئيس الوزراء مودي والقيادة السعودية هي التعاون الاقتصادي، وأمن الطاقة، وتدفق الاستثمارات المتبادلة، وسلامة وأمن المغتربين الهنود، والحج، والاتصال، بما في ذلك التقدم في الممر الاقتصادي بين الهند والشرق الأوسط وأوروبا، إضافة إلى التعاون الدفاعي والأمني، والأمن البحري، والعلاقات العسكرية، والتدريبات المشتركة، وصادرات الدفاع، والتصنيع المشترك.

العلاقات الاقتصادية

يُشكل التعاون الاقتصادي أهم عنصر في العلاقات الثنائية بين الهند والمملكة العربية السعودية. فكلا البلدين من اقتصادات مجموعة العشرين، وقد ركّزا على التنمية الاقتصادية والنمو في إطار رؤية السعودية 2030 وبرنامج "فيكسيت بهارات" و"أمريت كال" 2047. وأعطى البلدان الأهمية والأولية  للنمو الاقتصادي وتوسيع التجارة الخارجية والأعمال التجارية.

وفي ضوء ذلك، يكتسب دور القطاع الخاص أهمية خاصة للاستثمارات في المجالات الراسخة والناشئة، بما في ذلك الطاقة، والطاقة المتجددة، والبتروكيماويات، والأغذية والزراعة، والبنية التحتية والنقل، وتكنولوجيا المعلومات والاتصالات، والصحة والأدوية، والرياضة، والترفيه، كعامل جذب للشركات العامة والخاصة على حد سواء.

ولقد واصلت التجارة الثنائية نموها لتصل إلى 43 مليار دولار أمريكي خلال السنة المالية 2023-2024. وشكّلت الصادرات السعودية إلى الهند ما يقرب من 31.4 مليار دولار أمريكي، بينما ساهمت الصادرات الهندية إلى المملكة العربية السعودية بمبلغ 11.6 مليار دولار أمريكي في التجارة الثنائية خلال العام. وتتكون الصادرات السعودية من البترول ومنتجاته، والمواد الكيميائية والأسمدة، واللؤلؤ والمجوهرات والمعادن... وشملت الصادرات الهندية الأغذية والمنتجات الغذائية والمعادن والسيارات وقطع غيار السيارات والآلات الثقيلة...

وشهد التدفق المتبادل للاستثمارات زيادة كبيرة وبلغت الاستثمارات الهندية في المملكة 3 مليارات دولار أمريكي اعتبارًا من 2023-2024، بينما تجاوزت الاستثمارات السعودية في الهند 10 مليارات دولار أمريكي. وتقع الاستثمارات الهندية في قطاعات متنوعة مثل خدمات الإدارة والاستشارات، ومشاريع البناء، والاتصالات، وتكنولوجيا المعلومات، والخدمات المالية، وتطوير البرمجيات، والأدوية. ومن ناحية أخرى، تتركز الاستثمارات السعودية في الهند في مجالات مثل البترول والبتروكيماويات، وتجارة التجزئة والخدمات، والتمويل، والمنتجات الغذائية والزراعية.

أمن الطاقة

يُشكل أمن الطاقة عنصرًا بالغ الأهمية في العلاقات الثنائية. ولطالما اعتمدت الهند على المملكة العربية السعودية لتلبية احتياجاتها المحلية من الوقود، واستمر هذا الاعتماد على الرغم من تنويع مصادر واردات النفط. ولا تزال المملكة العربية السعودية من بين أكبر موردي النفط إلى الهند. وقد بدأ البَلدان تدريجيًا في توسيع علاقاتهما في مجال الطاقة، حيث ازدادت واردات الغاز الطبيعي المسال من المملكة العربية السعودية في الآونة الأخيرة. وعلاوة على ذلك، عمل الجانبان على تعزيز الاستثمارات السعودية في قطاع الطاقة الهندي. كما تُبذل جهود لزيادة التعاون في قطاع الطاقة المتجددة، حيث انضمت المملكة العربية السعودية إلى التحالف الدولي للطاقة الشمسية في الهند، ووقّع الجانبان مذكرة تفاهم في مجال الربط الكهربائي، والهيدروجين الأخضر/النظيف، وسلاسل التوريد في أكتوبر 2023م.

العلاقات الدفاعية والأمنية

شهدت العلاقات الثنائية في مجال الدفاع والأمن بين الهند والمملكة العربية السعودية توسعًا ملحوظًا في السنوات الأخيرة. وتتشابه وجهات نظر الدولتين بشأن عدد من المخاوف الأمنية التي تُقلق منطقتي جنوب وغرب آسيا، بما في ذلك الإرهاب، والأمن البحري، والحل السلمي للنزاعات والخلافات. ويُعدّ حق الملاحة للجميع في البحر الأحمر أمرًا بالغ الأهمية للهند، نظرًا للطريق البحري الدولي الذي يربطها بالبحر الأبيض المتوسط ​​وغرب أوروبا. وعلاوة على ذلك، تُعدّ العلاقات العسكرية بين البلدين مهمة أيضًا، وقد شهدت التعاون العسكري بين البلدين نموًا متسارعًا في السنوات الأخيرة. وشهدت العلاقات بينهما تبادلًا مكثفًا للزيارات بين المسؤولين والقادة العسكريين لاستكشاف آفاق توسيع التعاون العسكري. كما افتتحت الهند مدارسها العسكرية لتدريب الضباط والطلبة السعوديين. وعلاوة على ذلك، تُجرى مناورات عسكرية مشتركة مع فروع القوات المسلحة الثلاثة -الجيش والبحرية والجوية- على فترات منتظمة.

وإلى جانب ذلك، شهدنا زخمًا ملحوظًا في توسيع التجارة الدفاعية والعسكرية. ويشمل التعاون بين الصناعات الدفاعية إمكانية الاستثمار والواردات والصادرات، والتصنيع المشترك، وتبادل الخبرات والمعرفة التكنولوجية. ولذلك، من المرجح أن يكون استكشاف فرص تعزيز التعاون الدفاعي والأمني ​​من أهم أولويات المحادثات خلال زيارة رئيس الوزراء.

وختامًا، تُعد زيارة رئيس الوزراء مودي إلى المملكة العربية السعودية يومي 22 و23 أبريل 2025م بدعوة من ولي العهد السعودي محمد بن سلمان، بالغة الأهمية نظرًا لعمق العلاقات الثنائية والشراكة الاستراتيجية بين البلدين. فالسعودية بالنسبة إلى الهند من أهم شركائها في منطقة الخليج والشرق الأوسط. وبالمثل، تُمثل الهند جوهر سياسة المملكة العربية السعودية "التوجه شرقًا". ومن المرجح أن تنمو العلاقات الثنائية بشكل أكبر مع استمرار ازدهار ونمو العلاقات التجارية والاستثمارية والطاقة والدفاع والأمن. وتكتسب الزيارة أهمية كبيرة حيث يعمل كلا البلدين على خطط تنموية مثل رؤية السعودية 2030 و"فيكسيت بهارات 2047" مع فرص واسعة للتعاون بين الشركات والقطاع الخاص. وتعد الطاقة والبتروكيماويات والطاقة المتجددة والترفيه والرياضة والسينما والكريكيت والتعدين والخدمات اللوجستية والبنية التحتية من القطاعات الجذابة.

اقرأ أيضًا:

ومن المتوقع أن يشهد اللقاء صفقات استثمارية وإعلانًا عن التعاون الثقافي وصفقات دفاعية وصفقات أمن بحري وخطوة واعدة نحو علاقات ثنائية أقوى. ومن المرجح أن تركز الزيارة على تعزيز العلاقات الاستراتيجية الهندية-السعودية في إطار اتفاقية الشراكة الاستراتيجية الشاملة وفي إطار مجلس الشراكة الاستراتيجية الهندي-السعودي. ومن المرجح أن يكون تدفق الاستثمارات في الاتجاهين وأمن الطاقة والأمن الغذائي والعلاقات الثقافية والحج والأمن البحري والتعاون الدفاعي والأمني ​​على رأس جدول الأعمال. كما سيكون الاتصال، وخاصة فيما يتعلق بـ IMEC، على رأس قائمة الأولويات.

وتكتسب الزيارة أهميةً أيضًا لأنها تأتي في وقت يشهد اضطرابات إقليمية كبيرة وغموضًا في السياسة الدولية. ونظرًا لأن المملكة العربية السعودية والهند عضوان في مجموعة العشرين، وتتشابه وجهات نظرهما في القضايا الإقليمية والعالمية، مثل الأزمة في أوكرانيا وغزة، فقد دعتا إلى حلول سلمية وتفاوضية واحترام سيادة جميع الدول.

*الأستاذ المشارك في مركز دراسات غرب آسيا، مدرسة الدراسات الدولية، جامعة جواهر لال نهرو،نيودلهي.