رضوان الرحمن

يقام "معرض سوراجكوند الدولي للحرف اليدوية" مرة في السنة، ويشارك فيه أصحاب الحرف والشركات الصغيرة والمتوسطة من الهند وخارجها. ويقام في شهر فبراير كل عام، حيث تُعرض خلاله تحف وحرف يدوية تشمل الفخار، الملابس، الأحذية، والأطباق من مختلف ولايات الهند والدول الأخرى. وبالإضافة إلى ذلك، تقام عروض موسيقية ورقص ومسرحيات في عدة أماكن مخصصة داخل منطقة المعرض، الذي يستمر لمدة أسبوعين، مستقطبًا آلاف الزوار والسياح من الهند وخارجها.

سوراجكوند هو خزينة أو بحيرة قديمة من القرن العاشر، تقع على سلسلة جبال أرافالي الجنوبية في مدينة فريد آباد بولاية هاريانا، على بعد حوالي 8 كيلومترات من جنوب دلهي. "سوراجكوند" تعني "بحيرة الشمس"، وهي بحيرة اصطناعية أنشأها الملك سوراجبال من سلالة تومارا راجبوت. وتشتهر هذه المنطقة اليوم بمعرضها السنوي للحرف اليدوية ومكانتها كوجهة سياحية بارزة.

ويُقام "معرض سوراجكوند الدولي للحرف اليدوية" سنويًا بسوراجكوند في مديرية فريد آباد بولاية هاريانا. وتقام النسخة الثامنة والثلاثون من المعرض لهذا العام من 7 إلى 23 فبراير 2025م. ويحتل مكانة فخرية في التقويم السياحي الدولي، إذ يستقبل أكثر من مليون زائر، بمن فيهم آلاف السياح الأجانب. ويُعدّ هذا المعرض فريدًا من نوعه، حيث يعرض ثراء وتنوع الحرف اليدوية والمنسوجات والنسيج الثقافي للهند، ويعتبر أكبر معرض للحرف اليدوية في العالم.

ويقام المعرض على مساحة أربعين فدانًا، بمشاركة جميع ولايات الهند وعشرات الدول الأخرى. ونظرًا لشعبيته المتزايدة، تتوسع مساحته سنويًا. كما يشارك فيه الفنانون والرسامون والنساجون والنحاتون من مختلف أنحاء البلاد، مما يوفّر فرصة نادرة لعشاق الفنون والحرف اليدوية من جميع أنحاء العالم لمشاهدة التصاميم من الخشب والمعادن والخيزران والمنسوجات وما إلى ذلك.

ويمنح المعرض كل عام فكرة رئيسة، حيث يتم التركيز على الحرف اليدوية لولاية من ولايات الهند ودولة صديقة. فيتم وضع صورة مميزة خاصة بهذه الولاية عند مدخل المعرض الذي يوفر أجواء تلك الولاية بالذات بألوان ومواد وهندسة معمارية وأثاث وزخارف مميزة. ويتم عرض الحرف المعروضة في الأكشاك من حرف معينة في تلك الولاية. كما يتم عرض التحف اليدوية والمعروضات من دولة صديقة في الأكشاك. وحتى الآن شارك الفنانون والحرفيون من حوالي خمسين دولة صديقة.

ولأول مرة في تاريخه، يركز معرض هذا العام على ولايتين، أوديشا ومادهيا براديش، بدلاً من ولاية واحدة، مما يمثّل خطوة مهمة نحو ترسيخ الحدث باعتباره "مهرجان الحرف اليدوية". ولكن في الماضي ركّز المعرض على ولاية واحدة ودولة شريكة واحدة فقط لعرض النسيج الثقافي المتنوع للهند والدولة الصديقة. ويهدف التركيز على العديد من الولايات إلى تسليط الضوء بشكل أكبر على التراث الغني للهند وتعزيز جاذبيتها الثقافية العالمية. وعلى مر السنين، أضاف هذا النهج نكهة مميزة إلى المعرض، حيث احتفى بتقاليد الولايات المختلفة. وعلى سبيل المثال، كانت مَهَاراشترا فكرة رئيسة في عام 2019م، بينما حصلت هيماتشال براديش على هذا الشرف في عام 2020م.

ويتميز المعرض هذا العام بمزيج فريد من الفن والثقافة والحرف اليدوية والمأكولات من ولايتين هنديتين، مع مشاركة أكثر من 40 دولة، بما فيها الدولة الشريكةهذا العام "بيمستيك" (مبادرة خليج البنغال للتعاون التقني والاقتصادي متعدد القطاعات)، مما يجمع بين الجوهر الفني لكل من بنغلاديش، وبوتان، والهند، وميانمار، ونيبال، وسريلانكا، وتايلاند. وتأتي مشاركة هذه الدول احتفاءً بالتاريخ المشترك، والغنى الثقافي، والتألق الفني. وتعرض كل هذه الدول الحرف التقليدية والموسيقى والعروض الثقافية.

ويضم المعرض أيضًا ركنًا للطهي، حيث تُعرض المأكولات المحلية الشهية لأوديشا ومادهيا براديش والولايات الهندية الأخرى، إلى جانب الأطباق العالمية. كما تُعقد جلسات تفاعلية للحرفيين، تتيح للزوار مشاهدة العروض الحية لصناعة الحرف اليدوية، والفخار، والنسيج وغيرها من أشكال الفن التقليدية. ويحاول المعرض تعزيز الاستدامة من خلال الأكشاك الصديقة للبيئة، وتقليل استخدام البلاستيك، وتنظيم ورش عمل حول الممارسات الخضراء. وتشهد الأمسيات عروضًا ثقافية، بما في ذلك حفلات موسيقية ورقصات شعبية.

كما تقدم فرق فنية وطنية ودولية عروضًا يومية على مسارح مفتوحة، مما يضفي لمسة سحرية على الحدث. وتقام كذلك برامج ثقافية مسائية في المسرح الرئيس، إلى جانب أكشاك الأطعمة التي تحظى بشعبية واسعة بين الزوار. ويوفر المعرض أيضًا مناطق مخصصة للترفيه ورياضات المغامرة وركوب الخيل الممتع.

اقرأ أيضًا: وزير الثقافة والسياحة شیخاوت يفتتح الدورة الـ38 من معرض سوراجكوند الدولي للحرف اليدوية

وفي الواقع، يُعدّ المعرض نافذة فريدة على عالم الفن والثقافة والحرف اليدوية الغنية، حيث يمنح الحرفيين فرصة لعرض أعمالهم وجذب عملاء جدد، كما يساهم في الحفاظ على التراث الثقافي الحرفي الأصيل. إنه حدث لا بد من زيارته!

أ.د. رضوان الرحمن هو أستاذ بمركز الدراسات العربية والإفريقية ورئيسه سابقًا، جامعة جواهر لال نهرو، نيودلهي