بوجا ناياك
من بين العديد من حفلات الإفطار التي ينظمها غير المسلمين خلال شهر رمضان المبارك للتأكيد على وحدة الهنود والأديان، تبرز تلك التي ينظمها معبد صوفي دار في منطقة تشيناي بولاية تاميل نادو.
ويشارك المتطوعون -من الهندوس والمسلمين- في إعداد وجبات الإفطار لـ 1200 شخص، ونقلها إلى المسجد، وخدمة المسلمين الصائمين بإخلاص واحترام خلال شهر رمضان منذ 40 عامًا.
وقصة هذا المعبد مثيرة للاهتمام. يقع المعبد في مَيلابور، وقد بناه أحد الهندوس لنشر تعاليم شَهَنْشاه بابا نِبراج، وهو قديس صوفي من السند.
ويُعرف المعبد اليوم بأنه مثال رائع على الانسجام الديني.
وتم تزيين جدران المعبد بلوحات لمختلف القديسين الصوفيين، والقديسين الهندوس، ويسوع المسيح، ومريم العذراء، وغُورو ناناك وغيره من معلمي السيخ، وقادة طائفتي رادهاسوامي وشيداكاشي، وساي بابا.
وكان دادا راتانشاند، مؤسس المعبد، قد بدأ تنظيم حفل الإفطار الجماعي للإخوة المسلمين خلال شهر رمضان قبل 40 عامًا. وبعد وفاته، استمرت إدارة معبد صوفي دار في هذا التقليد النبيل.
وينحدر دادا راتانشاند من مقاطعة السند في باكستان. وأثناء التقسيم عام 1947م، جاء إلى الهند. وبدأ حياته كلاجئٍ في تشيناي حيث كان يعمل في متجر على شارع جُوداون.
وكان راتانشاند، عندما كان طفلا، يميل إلى الروحانية. وعندما أصبح ميسور الحال مع مرور الوقت، قام ببناء معبد مخصص للقديسين الصوفيين من السند.
وبدأ تقليد استضافة موائد الإفطار خلال شهر رمضان عندما قام أفراد من عائلات أركوت بزيارة معبد صوفي دار وأعجبوا بنظافته وترتيباته. ومنذ ذلك اليوم فصاعدًا، عهد حكام أركوت المسلمون بمهمة إعداد وجبات الإفطار خلال شهر رمضان إلى معبد راتانشاند.
ومن المفترض أن يتم تقديم الطعام النباتي النقي للمسلمين الصائمين الذين يأتون إلى مسجد الولجة الكبير للإفطار.
وتم بناء مسجد الولجة عام 1795م على يد نُوّاب أركوت. ومن المثير للاهتمام أن معظم العاملين في المسجد هم من الهندوس.
واصل دادا راتانشاند هذا العمل حتى سن الثمانين. وبعد وفاته، قاد أحد أتباعه رام دِيف مجموعة من المتطوعين لمواصلة تقليد استضافة موائد الإفطار.
ويقول رام ديف إنهم يقومون بتوصيل الطعام إلى مسجد الولجة بحلول الساعة 5:30 مساءً.
ويقوم المعبد الواقع على شارع راداكريشنا في ميلابور بإعداد ما يكفي من الطعام لما يقرب من 1200 شخص يوميًا، بما في ذلك الأرز المقلي والبرياني والحليب بالزعفران والفواكه وغيرها.
ويتم بعد ذلك نقل الطعام إلى المسجد بشاحنة نقل البضائع، حيث يقوم 60-70 متطوعًا، ويغطون رؤوسهم بقلنسوة يلبسها المسلمون تقليديًا، بتقديم وجبات الإفطار. وهذه الممارسة تعزز الحساسية والاحترام تجاه الإسلام.
وفي مقابلة مع صحيفة "تايمز أوف إنديا"، أعرب رام ديف عن تفانيه في الخدمة، قائلاً: "لم أتمكن من تخصيص الكثير من الوقت لهذا المسعى بسبب متجر السيارات الخاص بي، لذلك قررت أن أترك العمل وأن ألزم نفسي بدوام كامل لهذا المشروع. ويأتي متطوعون من مهاراشترا وراجستهان أيضًا للمشاركة في هذا المشروع هنا.
وأشاد الأمير نواب عبد العلي من أركوت بهذا التقليد من المصالحة الطائفية. وقال لوسائل الإعلام إنه حتى بعد أكثر من ثلاثة عقود، يواصل مقدمو الخدمات في معبد صوفي دار تنظيم حفل الإفطار كل يوم خلال شهر رمضان، وهو أمر يستحق الثناء حقًا. إنهم يؤدون خدمتهم بمنتهى الإخلاص والولاء للإسلام.
وتابع: "في دولة علمانية مثل الهند، يجب على الجميع احترام ديانات بعضهم البعض. ويجب أن نعامل بعضنا البعض كإخوة وأخوات. ويجب أن نظهر للعالم أننا واحد".
وقالت جميلة (50 عاما) التي تفطر صيامها أيضًا في المسجد: "أعمل بالقرب من المسجد. وبما أن بيتي بعيد عن مكان العمل، فأتناول وجبة الإفطار هنا بعد العمل قبل العودة إلى المنزل".
ولقد تطورت مبادرة دادا راتانشاند لتعزيز الانسجام الديني إلى حركة عبر معبد صوفي دار. وتمثل هذه المبادرة، إلى جانب مشاركة آلاف المواطنين من كلا الديانتين، نموذجًا رائعًا للوئام الديني والوحدة الوطنية للبلاد.