آواز دي وايس/نيودلهي
ألقى إمام المسجد النبوي الشريف الشيخ الدكتور عبد الله بن عبد الرحمن البعيجان خطابًا في اليوم الثاني والأخير من المؤتمر الـ35 الذي عقدته جمعية أهل الحديث المركزية لعموم الهند بعنوان "دور الأديان العالمية في صيانة كرامة الإنسانية" يومي 9 و10 نوفمبر، 2024م في ساحة رام ليلا بنيودلهي، أكد خلاله أن من أعظم النعم التي يمتن الله جل وعلا بها على عبده أن يوفقه وأن يمن عليه بالدخول في هذا الدين العظيم بأن يكون من المسلمين فهذه من أعظم النعم التي يمتن الله جل وعلا بها على عبده.
وشدد إمام المسجد النبوي على الثبات على هذا الدين حتى الممات إذ هو مطلب كل مسلم، مشيرا إلى أسباب تعين عباد الله على الثبات ومنها طلب العلم الشرعي والتمسك بكتاب الله، فقال: "هناك أسباب تُعين على الثبات على دين الله جل وعلا وهي عظيمة خصوصًا في هذا الزمان الذي انتشرت فيه الفتن وظهرت فيه وانتشرت الشبهات والشهوات. ولعلي اقتصر على ذكر سببين يُعينان المسلم على الثبات على دين الله جل وعلا".
وتابع "من هذه الأسباب التي تُعين على الثبات على دين الله جل وعلا طلبُ العلم الشرعي؛ العلم الشرعي المستمد من كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم على فهم السلف الصالح، ولا يخفى عليكم فضل طلب العلم فإن طلب العلم من أفضل الأعمال وأجل القربات التي يتقرب بها العبد إلى الله عزّ وجلّ رب الأرض والسماوات. وطلب العلم علامة على إرادة الله بالعبد الخير لأن النبي عليه الصلاة والسلام يقول "من يرد الله به خيرًا يفقهه في الدين" لأن التفقه في الدين يحصل به العلم النافع الذي يقوم عليه العمل الصالح، كما قال الله جل وعلا "هو الذي أرسل رسوله بالهدى ودين الحق" فالهدى هو العلم النافع ودين الحق هو العمل الصالح. والله جل وعلا أمر نبيه عليه الصلاة والسلام بأن يسأله الزيادة من العلم فقال جل شأنه "وقل ربي زدني علما"، وفي هذا كما قال ابن حجر رحمه الله دلالة على فضل العلم لأن الله سبحانه وتعالى لم يأمر نبيه عليه الصلاة والسلام أن يسأله الزياده من شيء إلا من العلم".
فنصح إمام المسجد النبوي طلبة العلم بالاستمرار في سلوك هذا الطريق واحتساب الأجر فهو من أعظم أسباب الثبات على دين الله جل وعلا، وبتعليم الناس واحتساب الأجر من الله سبحانه وتعالى والامتثال لقول النبي عليه الصلاة والسلام حين قال "بلغوا عني ولو آية"، وقال عليه الصلاة والسلام "يحمل هذا العلم من كل خلف عدوله، ينفون عنه تحريف الغالين، وانتحال المبطلين، وتأويل الجاهلين".
ولفت انتباه طلبة العلم إلى أن "المسلمين بحاجة إلى تعليمكم وإلى دعوة الناس إلى الخير وإلى تعليمهم أمور دينهم واحتسبِوا الأجر من الله وأبشروا بالفضل الكبير والجزيل منه سبحانه وتعالى، فإن النبي عليه الصلاة والسلام يقول "من دعا إلى هدى كان له من الأجر مثل أجور من تبعه لا ينقص ذلك من أجورهم شيئًا".
وأضاف أن مما يُعين على الثبات على دين الله جل وعلا "التمسك بكتاب الله جل وعلا القرآن الكريم. كما تعلمون هو كلام الله جل وعلا وهو حبله المتين وصراطه المستقيم الذي من تمسك به اهتدى ومن أعرض عنه ضل وغوى، فتمسكوا بكتاب ربكم وأبشروا..، فإن المتمسك بكتاب الله جل وعلا على نور من الله ويثبته الله جل وعلا على دينه بإذنه حتى يلقاه. والقرآن الكريم كما تعلمون هو كلامه سبحانه وتعالى، والله جلّ وعلا قد أثنى عليه في مواضع كثيرة منه ليبين فضل هذا الكتاب ويوضح للناس مكانته كما قال الله جل وعلا "حم، وَالْكِتَابِ الْمُبِينِ، إِنَّا جَعَلْنَاهُ قُرْآَنًا عَرَبِيًّا لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ" فما من باطل إلا وفي القران ما يدمغه وما من شبهة إلا وفي القران بيان ضلالها وردها، كما قال الله جل وعلا "بَلْ نَقْذِفُ بالحق عَلَى الباطل فَيَدْمَغُهُ فَإِذَا هُوَ زَاهِقٌ"، والقران الكريم هو من أعظم أسباب الثبات على هذا الدين، والله جل وعلا قد رتب الفضل العظيم على تلاوته وعلى حفظه وعلى تدبره وعلى العمل به قال الله جل وعلا "إِنَّ الَّذِينَ يَتْلُونَ كِتَابَ اللَّهِ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَأَنفَقُوا مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ سِرًّا وَعَلَانِيَةً يَرْجُونَ تِجَارَةً لَّن تَبُورَ".
فدعا الضيف الكريم الناسَ إلى الإكثار من تلاوة كتاب الله والاجتهاد في حفظ كتاب الله والعمل به، "سُئِلَتْ عائِشةُ رضي الله عنها عن خُلُقِ رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، فقالَتْ: كان خُلُقُه القُرآنَ". فأبشروا بالفضل العظيم من الله سبحانه وتعالى فإن القرآن الكريم يأتي يوم القيامة شفيعا لأصحابه ويكون سببًا لرفعة درجاته في الجنة، يقول عليه الصلاة والسلام "اقْرَؤُوا القُرْآنَ فإنَّه يَأْتي يَومَ القِيامَةِ شَفِيعًا لأَصْحابِهِ"، ويقول عليه الصلاة والسلام "يقال لقارئ القرآن اقرأ وارتق ورتل كما كنت ترتل في الدنيا، فإن منزلتك عند آخر آية تقرؤها".
فأكّد الشيخ الدكتور عبد الله بن عبد الرحمن البعيجان لطلبة العلم على التمسك بكتاب الله وحفظ كتاب الله جل وعلا أو ما تيسر منه وتعليمهم الناس هذا القران العظيم الذي هو كلامه رب العالمين واحتساب الأجر من الله سبحانه وتعالى.
وأضاف "أن أسباب الثبات على دين الله عز وجل كثيرة منها ذكر الله جل وعلا ومنها الإيمان والعمل الصالح فهما من أسباب الثبات على دين الله جل وعلا وغيرها كثيرة، فأسأل الله جل وعلا بمنه وكرمه أن يرزقنا العلم النافع والعمل الصالح".
وفي الختام، تقدم الشيخ البعيجان بكلمات الشكر لجمعية أهل الحديث المركزية لعموم الهند على إقامة هذا المؤتمر المهم. كما شكر الدكتور البعيجان معالي الشيخ عبد الرحمن بن عبد العزيز السديس رئيس الشؤون الدينية في المسجد الحرام والمسجد النبوي ومعالي الدكتور عبد اللطيف بن عبد العزيز بن عبد الرحمن آل الشيخ وزير الشؤون الإسلامية والدعوة والإرشاد على متابعتهما وعلى دعمهما لهذه المناشط الدعوية في شتى بقاع المسلمين.
وتقدم بجزيل الشكر بشكل خاص لخادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز -حفظه الله ورعاه- وولي عهده الأمير محمد بن سلمان -حفظه الله ورعاه- على ما يقومون به من خدمة للإسلام والمسلمين ونصرة للمسلمين وقضاياهم في شتى بقاع الأرض. "ولا يخفى هذا على أحد ولا ينكره هذا إلا حاسد أو جاهل فأسال الله عز وجل بمنه وكرمه أن يحفظ المملكه العربية السعودية وأن يحفظ بلاد المسلمين وأن يصلح شأنهم وأن يصلح أحوال المسلمين في كل مكان وأن يؤلف بين قلوبهم وأن يجمع شملهم وأن يوحد صفوفهم، إنه ولي ذلك والقادر عليه".
وبالمناسبة، قدّم مولانا أصغر علي إمام مهدي السلفي، أمير جمعية أهل الحديث المركزية لعموم الهند دروعا تذكارية، نيابة عن الجمعية، إلى إمام المسجد النبوي الشريف الشيخ الدكتور عبد الله بن عبد الرحمن البعيجان الذي قام بإمامة صلاتي المغرب والعشاء في ساحة رام ليلا في اليوم الثاني والأخير من المؤتمر.
كما قدّم مولانا أصغر علي إمام مهدي السلفي درعا تذكاريا لفضيلة الدكتور عبد اللطيف بن عبد العزيز بن عبد الرحمن آل الشيخ وزير الشؤون الإسلامية والدعوة والإرشاد في السعودية، ليصل إليه بواسطة الشيخ الدكتور عبد الله بن عبد الرحمن البعيجان.
وبالمثل، حمل إمام المسجد النبوي الشريف الشيخ الدكتور عبد الله بن عبد الرحمن البعيجان درعَين تذكاريين من السعودية للإمام المهدي السلفي؛ درعا من قبل وزير الشؤون الإسلامية والدعوة والإرشاد في السعودية، ودرعًا من قبل الرئاسة العامة لشؤون الحرمين الشريفين.
وقبل ذلك، ألقى مولانا أصغر علي إمام مهدي السلفي كلمة رحّب فيها بإمام المسجد النبوي الشريف الشيخ الدكتور عبد الله بن عبد الرحمن البعيجان، أصالة عن نفسه ونيابة عن الجمعية، "أرحب أيضا نيابة عن جميع مسلمي الهند الذين يرون الإمام الذي أكرمه الله بأن يكون إمامًا لمسجد الرسول صلى الله عليه وسلم (المسجد النبوي) الذي يقصده الإنسان من كل فج عميق. وأرحب ترحيبًا حارًا بفضيلة الشيخ في بلدكم الثاني الحبيب دولة الهند وفي بيتكم الثاني جمعية أهل الحديث المركزية لعموم الهند".
اقرأ أيضًا: إمام المسجد النبوي الدكتور عبد الله بن عبد الرحمن البعيجان: "أدعو الله أن تصبح الهند مركزًا للسلام"
وسلط مولانا أصغر السلفي الضوء على تاريخ جمعية أهل الحديث في الهند، لافتا إلى أنه توجد فروع الجمعية في 24 ولاية من ولايات البلاد. وأكد أن جماعة أهل الحديث هي تسير دائما على منهج السلف الصالح، وتتمسك بالكتاب والسنة.
كما ذكر الروابط القوية القائمة بين المملكة العربية السعودية وجماعة أهل الحديث منذ فترة طويلة لنشر العقيدة الصحيحة وتعاليم الكتب والسنة.