لماذا يُحتفل بيوم التعليم الوطني في الهند؟

Story by  آواز دي وايس | Posted by  M Alam | Date 11-11-2024
لماذا يُحتفل بيوم التعليم الوطني في الهند؟
لماذا يُحتفل بيوم التعليم الوطني في الهند؟

 

عبد الله/نيودلهي

يُحتفل بيوم التعليم الوطني في الهند سنويًا في 11 نوفمبر، وهو يوم يخلد ذكرى ميلاد العالم والمربي الهندي مولانا أبي الكلام آزاد، الذي يُعتبر أحد أهم الشخصيات التي ساهمت في تأسيس نظام التعليم الحديث في الهند. يُعد هذا اليوم مناسبةً للتذكير بأهمية التعليم ودوره في بناء مجتمع متقدم ومزدهر، كما يُعتبر فرصةً للاحتفاء بجهود العاملين في مجال التعليم وتقديرهم لدورهم الكبير في تشكيل مستقبل الأجيال القادمة.

بدأ الاحتفال بيوم التعليم من ولاية بيهار، حيث نظمت حكومة بيهار في عام 2007م احتفالية بمناسبة يوم ميلاد مولانا أبي الكلام آزاد. وبعد عام، بدأت الحكومة المركزية الاحتفال به. ومن الحقائق أيضًا أن لمولانا آزاد ارتباطًا عميقًا بولاية بيهار، حيث قام بدور مهم في تأسيس مؤسسات دينية وتعليمية وخيرية مثل "إمارة الشريعة". ولهذا السبب، يتسم يوم التعليم في بيهار بحماسة استثنائية، ويظهر ذلك في جميع المستويات، سواء في المدارس أو المعاهد الدينية أو المكاتب.

وبدأ الاحتفال بيوم التعليم الوطني في الهند في عام 2008 بقرارٍ من الحكومة الهندية، تقديرًا لإسهامات مولانا أبي الكلام آزاد، الذي كان أول وزير للتعليم بعد استقلال الهند في عام 1947م. وقد عمل مولانا آزاد على تطوير نظام التعليم وإرساء قواعده، حيث أطلق العديد من المبادرات التي تهدف إلى تعزيز التعليم الأساسي والثانوي والعالي في البلاد، وأسس مؤسسات تعليمية عدة لتوسيع نطاق التعليم في جميع أرجاء الهند.

وكان مولانا أبو الكلام آزاد شخصية عظيمة وفريدة واسما بارزا في حرب الاستقلال، حيث ركز بشدة على تحقيق الوحدة بين الهندوس والمسلمين وعلى تعزيز التعليم. وبعد استقلال البلاد، تولى مولانا آزاد وزارة التعليم في الهند، وظل أول وزير تعليم للهند المستقلة من عام 1947م حتى وفاته في عام 1958م. وخلال فترة وزارته، بذل جهودًا مميزة لتعزيز الحالة التعليمية في البلاد وتطوير التعليم العلمي.

وكان مولانا أبو الكلام آزاد يؤمن بقوة بأن التعليم هو السبيل الرئيس لتحقيق العدالة الاجتماعية والنهضة الاقتصادية، وقد كرس حياته لتعزيز التعليم وتطويره. كان يسعى جاهدًا إلى تحقيق تعليم شامل ومتاح للجميع، بغض النظر عن الدين أو العرق أو الطبقة الاجتماعية. وسعى من خلال رؤيته أن يجعل من التعليم وسيلة لإعادة تشكيل المجتمع الهندي ليصبح أكثر عدالة ومساواة.

وإلى جانب جهوده في تأسيس نظام تعليمي متقدم، عمل مولانا أبو الكلام آزاد على إنشاء العديد من المؤسسات التعليمية التي لا تزال قائمة وتؤدي دورها الحيوي حتى اليوم. وكان من أبرز إنجازاته في هذا المجال تأسيس هيئة المنح الجامعية (UGC) التي تعمل على تنظيم وتمويل مؤسسات التعليم العالي في الهند، بالإضافة إلى تأسيس المعاهد الهندية للتكنولوجيا (IITs) التي أصبحت اليوم من أفضل مؤسسات التعليم التقني في الهند والعالم.

كما أطلق عدة برامج لتحفيز التعليم الابتدائي وجعله إلزاميًا للأطفال، إدراكًا منه أن التعليم هو الأساس الذي يمكن بناء مستقبل الأمة عليه. وقد حرص على جعل التعليم مجانيًا ومتاحًا لجميع الطبقات الاجتماعية، وذلك لخلق فرص متساوية للجميع، وللحد من الفجوات الاجتماعية التي كانت تعيق تقدم المجتمع الهندي.

ويهدف الاحتفال بيوم التعليم الوطني في الهند إلى تسليط الضوء على أهمية التعليم باعتباره أداة لتحقيق التغيير الإيجابي في المجتمع، ولإدراك دور المربين والمعلمين في تشكيل وعي الأجيال القادمة. ويتميز هذا اليوم بتنظيم العديد من الفعاليات والنشاطات التعليمية، التي تتضمن ورش عمل ومحاضرات وندوات تهدف إلى تعزيز الوعي بأهمية التعليم وتعميق الروابط بين الطلاب والمعلمين والمجتمع. كما تُنظم مسابقات مختلفة لتعزيز الابتكار والإبداع بين الطلاب، وحثهم على التميز والتفوق الأكاديمي.

ويرسل يوم التعليم الوطني في الهند رسالة قوية لأبناء الشعب الهندي بأن التعليم هو الركيزة الأساسية للنهوض والتقدم. إنه يدعو إلى التكاتف والعمل الجماعي من أجل توفير بيئة تعليمية تشجع على الإبداع والابتكار، وتساهم في بناء جيل مثقف وقادر على مواجهة تحديات المستقبل. كما يشجع اليوم الوطني للتعليم في الهند على تبني قيم التسامح والانفتاح والتفكير النقدي، التي تُعد من أساسيات التعليم الناجح، ومن أدوات بناء مجتمع قوي ومتماسك.

اقرأ أيضًا: إمام المسجد النبوي الدكتور عبد الله بن عبد الرحمن البعيجان: "أدعو الله أن تصبح الهند مركزًا للسلام"

ختامًا، يُعتبر يوم التعليم الوطني في الهند مناسبةً للتفكر في إنجازات الماضي والتحديات المستقبلية، كما يتيح لنا فرصة لتجديد العهد بأهمية التعليم في بناء مجتمع مزدهر يسوده التقدم والرقي.