بحث جامعي يناقش مساهمة المستشرقين الألمان في الدراسات العربية والإسلامية خلال القرن العشرين

16-08-2024  آخر تحديث   | 16-08-2024 نشر في   |  M Alam      بواسطة | آواز دي وايس 
بحث جامعي يناقش مساهمة المستشرقين الألمان في الدراسات العربية والإسلامية خلال القرن العشرين
بحث جامعي يناقش مساهمة المستشرقين الألمان في الدراسات العربية والإسلامية خلال القرن العشرين

 

آواز دي وايس/نيودلهي

بدأت الثقافة العربية والإسلامية تتلقى اهتمامًا من قبل الحركة الاستشراقية قبل قرون عدة، ولكن زاد اهتمامها بشكل كبير في القرن التاسع عشر والعشرين. وقد جذبت هذه الحركة انتباه العلماء الأوروبيين إلى اللغة والثقافة العربية، مما أسهم في تشجيع عمليات ترجمة النصوص العربية إلى اللغات الأوروبية. وقد تسارعت عمليات الترجمة والدراسة للنصوص العربية الكلاسيكية والدينية، مما فتح المجال للتبادل الثقافي بين العالمين العربي والغربي. وقد ظهرت عدة مدارس استشراقية في بلدان مختلفة من قارة أوروبا، وكانت ألمانيا معروفة بفضلها باسم "أرض الأفكار"، وفيما يتعلق بإنتاج العلماء والساسة والمفكرين والأدباء والفلاسفة، حافظت ألمانيا على مكانتها الريادية لعدة قرون خلال العصور الماضية. وأنجبت ألمانيا مجموعة واسعة من الشخصيات المتميزة التي تركت أثرًا كبيرًا في حياة الإنسان. ويبدو أن أبناء ألمانيا يظلون عاطفيين تجاه الاختراع والاكتشاف في ميادين شتى من العلوم والفنون والآداب. لذا، سعوا لتعلم اللغات الشرقية بشكل عام، واللغة العربية بشكل خاص، لاستكشاف الدراسات العربية والعلوم الإسلامية والمخطوطات القيمة الخاصة بها.

نكهة الرسائل الجامعية في الهند

قدّم محمد عبد الواحد هذه الأطروحة بعنوان "مساهمة المستشرقين الألمان في الدراسات العربية والإسلامية خلال القرن العشرين: دراسة انتقائية"، إلى مركز الدراسات العربية والإفريقية بجامعة جواهر لال نهرو بنيودلهي، تحت إشراف الأستاذ الدكتور رضوان الرحمن في أوائل عام 2024م.

وتبرز هذه الأطروحة مساهمات المستشرقين الألمان في الفنون العربية وعلومها، من خلال دراسات انتقائية وتحليلية، وتسلّط الضوء على نشأة الاستشراق وتطور نشاطاته، مستعرضة الدراسات العربية والإسلامية التي قام بها المستشرقون خلال القرن العشرين في جمهورية ألمانيا الاتحادية.

كما تركّز الأطروحة على جوانب متعددة مثل ترجمة النصوص الدينية إلى اللغة الألمانية، ودراسة التشريعات الإسلامية، وتحقيق المخطوطات العربية، وتوثيق التاريخ العربي الإسلامي، وتلقي الضوء على وضع المعاجم العربية وتأليف قواعد اللغة العربية، مساهمةً في مجال يضاهي مساهمة العلماء العرب. كما تتحدث الأطروحة أيضًا عن ترجمة الأدب العربي إلى اللغة الألمانية، إضافة إلى تأسيس المعاهد والجمعيات العربية وإنجازاتها في ترويج الدراسات العربية، وتسلّط الضوء على دور المجلات والدوريات الاستشراقية وتطورها، التي لها دور مهم في نشر اللغة العربية وآدابها وثقافتها في ألمانيا.

أهمية الموضوع

نظرًا للدور البارز الذي قام به المستشرقون، وبشكل خاص المستشرقون الألمان، في تأثير الدراسات العربية من خلال جهودهم في الترجمة والتفسير والبحث، أصبحت ترجماتهم تعمل على جعل روائع اللغة العربية متاحة على مستوى عالمي. كما قاموا بتعميق فهم النصوص العربية والحفاظ على المخطوطات، مما أثر إيجابًا على تشكيل المناهج التعليمية. وإن جهودهم لا تقتصر على الحفاظ على التراث الثقافي للعالم العربي، بل تعمل أيضًا على سد الفجوات في التقاليد الأدبية المتنوعة، وإثراء الخطاب العالمي بفضل التعبير الأدبي العربي. وقد قدم المستشرقون الألمان مساهمات هائلة في العلوم الإسلامية من خلال أبحاثهم وترجماتهم وتحليلاتهم. ودراساتهم الدقيقة لعلوم الإسلام ساهمت بشكل كبير في تعزيز الفهم العميق للثقافة والتاريخ والفلسفة الإسلامية. ومن خلال التفاعل مع النصوص العربية والفارسية والتركية الأصلية، أغنى المستشرقون الألمان النقاش الأكاديمي العالمي حول الإسلام، وساهموا في التقدم في مجالات مثل اللاهوت الإسلامي والقانون والأدب. وقد أسهم هذا التبادل الثقافي في تعزيز التفاهم والتقدير المتبادل بين العالمين الإسلامي والغربي، وفي سد الفجوة الثقافية بينهما.

وقام الباحث باختيار هذا الموضوع لأسباب عديدة. وأحد هذه الأسباب يعود إلى الجدل والخلاف الذي يحيط بتأثير الحركة الاستشراقية، وخاصة المستشرقين الألمان، على تقييم وتأثير تاريخ الثقافة الشرقية والعلوم الإسلامية والدراسات العربية. ومن بين الأسباب التي أدرجها الباحث:

التأثير التاريخي: يهدف البحث إلى إلقاء الضوء على كيفية تشكل فهم الغرب للعالم العربي عبر العصور من خلال أعين المستشرقين.

التبادل الثقافي: يركز الباحث على كيفية تفاعل الثقافتين الشرقية والغربية من خلال أعمال المستشرقين ومساهماتهم في توطين المعرفة.

التقدم الأكاديمي: يقوم البحث بمراجعة كيف أسهمت أبحاث المستشرقين في تطوير الحقول الأكاديمية المتعلقة باللغة والثقافة العربية.

التحليل النقدي: يفتح البحث الباب لفحص التأثير الإيجابي والسلبي لأفكار المستشرقين واستقبالها في العالم العربي.

التوسع في الفهم: يقدم البحث فهمًا أوسع وأعمق لدور المستشرقين في بناء الجسور الثقافية واللغوية بين العالمين العربي والغربي.

عدم تركيز الباحثين الناشئين: يعكس البحث اهتمامًا بموضوع لم يتم التركيز عليه بشكل كاف في أبحاث الباحثين الناشئين في الكليات والجامعات الهندية.

وتنقسم هذه الأطروحة إلى أربعة أبواب رئيسة بالإضافة إلى مقدمة وخاتمة. فالباب الأول يحتوي على خمسة فصول: أولها يتحدث عن مفهوم الاستشراق ودوافعه، وثانيها يتناول تطور حركة الاستشراق ومراحلها، وثالثها يستعرض مدارس الاستشراق البارزة، ورابعها يسلّط الضوء على العلاقات الثنائية بين ألمانيا والدول العربية، وخامسها يحيط بلمحة تاريخية للاستشراق الألماني واتجاهاته قبل القرن العشرين.

والباب الثاني يشتمل على أربعة فصول: فالفصل الأول يختص بترجمة النصوص الإسلامية وتطور دراستها، وثانيها يحيط بتحقيق المخطوطات العربية والإسلامية، وثالثها يستعرض تطور تدوين التاريخ الإسلامي، ورابعها يتحدث عن موقف الاستشراق الألماني في الدراسات الإسلامية.

وأما الباب الثالث، فهو يختص بخمسة فصول: أولها يشتمل على نشأة المعاجم العربية وتاريخها وأنواعها، وثانيها يتحدث عن المعاجم التاريخية في ألمانيا، وثالثها يستعرض المعاجم الوصفية وتطورها، ورابعها يسلط الضوء على جهود الألمان في فقه اللغة، وخامسها يناقش عن المؤلفات الألمانية في قواعد اللغة العربية.

والباب الرابع يضم أربعة فصول: فالفصل الأول يتحدث عن ترجمة الأدب العربي إلى اللغة الألمانية، وثانيها يشير إلى تأسيس المعاهد والجمعيات العربية وإنجازاتها، وثالثها يتطرق إلى دراسات اللغة العربية والإسلامية في الجامعات، ورابعها يحيط بتطور المجلات والدوريات الاستشراقية. وتتضمن الخاتمة أهم النتائج التي وصل إليها الباحث.

ونتمنى أن تكون هذه الأطروحة سجلاً ثمينًا لتاريخ الاستشراق، ومصدرًا قيمًا للمهتمين بتاريخ الدراسات العربية في جمهورية ألمانيا الاتحادية.