منسوجات تعكس التقاليد المتنوعة في الهند

15-07-2024  آخر تحديث   | 13-07-2024 نشر في   |  M Alam      بواسطة | آواز دي وايس 
منسوجات تعكس التقاليد المتنوعة في الهند
منسوجات تعكس التقاليد المتنوعة في الهند

 

فاندانا بهانداري

تُعتبر المنسوجات القبلية في الهند رمزًا وتجسيدًا للترابط المجتمعي والثقافة والأساطير على مر العصور. وتتعمق البروفيسورة فاندانا بهانداري في التاريخ الهندي العريق في هذا المجال وما تتسم به هذه المنسوجات من هوية متفردة.

تعد المنسوجات المحلية في الهند جزءًا لا يتجزأ من تاريخ وتقاليد المجتمعات السكانية المتنوعة. واليوم، يعمل المصممون الهنود على جلب العديد من المواد وتقنيات النسيج الأقل شهرة من المجتمعات القبلية البعيدة في الهند، ويسلّطون عليها الضوء من جديد. ومما ساهم في زيادة هذا التوجه تشجيع رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي المستمر للحرفيين من المناطق الريفية عن طريق السياسات والتشجيع الشخصي. ويحرص رئيس الوزراء الهندي خلال ظهوره في المناسبات العامة في كثير من الأحيان على ارتداء ملابس السكان الأصليين التقليدية، ومن بينها وشاح جاموسا من ولاية آسام (عبارة عن وشاح أبيض تقليدي بزخارف حمراء) وقبعة هيماتشالي.

وتعتبر المنسوجات والأزياء في المجتمعات المتنوعة في الهند جزءًا لا يتجزأ من التكوين الاجتماعي والثقافي والحياة اليومية لهذه المجتمعات. كما ترمز أنماط النسيج والأزياء إلى الهويات الاجتماعية والثقافية للقبائل في مختلف أنحاء الهند.

منسوجات من شمال شرق الهند

تستوحى المنسوجات المصنوعة في المنطقة الشمالية الشرقية من الهند   تصميماتها من القصص والأساطير الموروثة والعادات المنتشرة ومشاهد من المهرجانات الشعبية. فعلى سبيل المثال تنتشر الرموز الخاصة بأسطورة تيجيمولا، وهي حكاية شعبية من ولاية آسام تدور حول فتاة صغيرة، حيث نجدها على الملابس المنسوجة يدويًا في ولاية آسام، ويُطلق على هذه الثياب اسم ميخيلا شادور (سادور). ويشير الفستان المستوحى من هذه الأسطورة عبارة عن فستان من الحرير، مع قطعة أخرى تغطيه من القماش المطرز بالذهب إلى العلاقة القوية بين بطلة الأسطورة والأزياء.

وبنفس الصورة نجد أن الملابس التقليدية لنساء قبيلة كاربي في ولاية آسام، زي بي كوك (ثوب للجزء العلوي من الجسم)، والذي يتم ارتداؤه مع قطعة بينيكامفلاك (قطعة من القماش مربوطة حول الخصر إلى الركبة)، وتكون منقطة بزخارف وأنماط ملونة، تشير إلى حالتهن الاجتماعية.

وأما بالنسبة إلى نساء مجتمع تريبوري في ولاية تريبورا، تعرض الملابس التقليدية (ريها) ثقافة المنطقة وتروي قصصًا مستوحاة من حياة أبناء هذه المنطقة. وفي مجتمع آدي في ولاية أروناتشال براديش، تصنع النساء منسوجاتهن على جيكونج جالونج (نول مصنوع من الخيزران الأصلي)، حيث يتم إنتاج كم هائل من المنسوجات والتنانير الملفوفة المميزة على هذا النول.

ومن جهة أخرى، يقوم أبناء قبيلة ميشينج (ميسين) من جزيرة ماجولي في ولاية آسام بصنع منسوجاتهم على أنوال متحركة من إطار الخيزران، وتتضمن الرموز شائعة الاستخدام في منسوجاتهم رموزا للشمس والقمر، التي يقُال إنها ترمز على الترتيب إلى أب وأم القبيلة. ونجد التصميم المتكرر على منسوجات قبيلة ميشينج هو الماس، الذي يمثل مبنى تشانج جار، وهو منزل مبني على منطقة مرتفعة من الأرض لحماية السكان من الفيضانات.

وتم العثور كذلك على تصميمات مستوحاة من الحياة اليومية لأبناء المنطقة كما هو الحال بالنسبة لوشاح جاموسا (جامتشا) من ولاية آسام، والذي يتم إهداؤه بين أبناء هذا المجتمع كنوع من الاحترام والتقدير للآخر.

التطريز التقليدي

يعد أسلوب التطريز من تخصص قبيلة لامبادي في ولاية آندهرا براديش، حيث تزيِّن نساء القبيلة أنفسهن وأزياءهن بشكل كبير وغالبًا ما يطرزن على قطع القماش القديمة والمستعملة بغرز زخرفية.

وتشتهر قبائل بهيل وراباري في ولايات مادهيا براديش وجوجارات وراجستهان بأعمال التطريز باستخدام الخرز. ويستخدم أبناء قبيلة راباري الترتر بأشكال وأحجام المختلفة بكثرة في أعمال التطريز ويتم دمج حواف الخيط والخرز الزجاجي والأزرار البلاستيكية.

وبالنسبة لقبيلة تودا من تلال نيلجيري في ولاية تاميل نادو، يعتبر التطريز من الأعمال المهمة التي تدعو ممارسها للفخر. ويُطلق على هذا التقليد اسم بوجور، وتتوارثه الأجيال جيلاً بعد جيل، ويستخدم غرزة الرتق (صفوف من الخطوط المستقيمة المجاورة).  ويتم خياطة الأنماط المستوحاة من الطبيعة بخيوط قرمزية وسوداء. ويرمز الشال التقليدي المطرز لقبيلة تودا المسمى شال بوثوكولي إلى الجمال والكرامة.

وتستخدم المجتمعات القبلية في منطقة باستار في ولاية تشاتيسجاره ومنطقة كورابوت المجاورة في ولاية أوديشا صبغة طبيعية تسمى آل لتلوين القماش القطني. ويعمل النساجون من قرى توكابال وناجارنار وكونداجاون في باستار على أنوال خاصة باستخدام خيوط قطنية غير مبيضة لصنع نسيج يسمى باتا، وقد تم صبغ حدوده بصبغة آل. وترتدي نساء مجتمعات موريا وماريا هذه الأقمشة في الغالب، والتي تعكس وضعهن الاجتماعي.

وتستخدم صبغة آل كذلك بين مجتمع النساجين في كوتباد، وهي بلدة صغيرة في منطقة كورابوت في ولاية أوديشا. وفي عملية الصباغة باستخدام صبغة آل يتم غمر حزم من الخيوط المعالجة بزيت الخروع والروث في صبغة آل لعمل ظلال حمراء وكستنائية وبنية في القماش.

وتحدث رئيس الوزراء مودي في ندوة دولية عبر الإنترنت حول المنسوجات الهندية قائلاً إن القطن والحرير الملونين بشكل طبيعي لهما تاريخ طويل ومجيد في البلاد، ويعكس هذا التنوع في المنسوجات ثراء ثقافة البلاد. وأشار إلى الأقمشة الفريدة في كل مجتمع وقرية وولاية هندية. كما سلّط الضوء على ثراء إنتاج المنسوجات في المجتمعات القبلية في البلاد.

اقرأ أيضًا: لوحات مادهوباني: شكل فني رائع من منطقة ميثيلا

ومن ثم، نجد أن قصة المنسوجات القبلية هي قصة تاريخية تجسد التقاليد وتمر حاليًا بمرحلة من الانتعاش والتطوير. واليوم ظهرت العديد من هذه الأقمشة الأقل شهرة على الساحة مرةً أخرى. وإن حياكة هذه الأقمشة المحلية لا تساهم فقط في دعم حملة رئيس الوزراء "صنع في الهند" فحسب، بل تعمل على تشجيع للحرفيين والموضة المستدامة.

فاندانا بهانداري هي أستاذة في المعهد الوطني لتكنولوجيا الموضة. وتعمل على تركيز الأبحاث على أبعاد جديدة متعلقة بتقاليد النسيج الهندية