أ.د. رضوان الرحمن

متحف سالار جونغ هو متحف فني يقع في مدينة حيدر آباد ويُعدّ من أحد المتاحف الوطنية البارزة في الهند. ويحوي المتحف أيضًا عددًا كبيرًا من المخطوطات والكتب العربية والفارسية القديمة. وفي الأصل كانت تمتلكه عائلة سالار جونغ لكن تم منحها للأمة بعد وفاة سالار جونغ الثالث. وتتكون مجموعاته الفنية من المنحوتات واللوحات والمنسوجات والسيراميك والمصنوعات المعدنية والسجاد والساعات وقطع الأثاث من اليابان والصين وبورما ونيبال والهند وبلاد فارس ومصر وأوروبا وأمريكا الشمالية. وهذا المتحف من أغنى متاحف العالم فلذلك يزوره عدد كبير من الزوار من الهند وخارجها.

إن متحف سالار جونغ هو أشهر المتاحف القومية لمجموعاتها النادرة من الكتب والمخطوطات والمنحوتات والمنسوجات والمصنوعات المعدنية وغيرها أسّسه نواب مير يوسف علي المعروف بسالار جونغ الثالث (1889-1949م) الذي شغل منصب رئيس وزراء حيدر آباد خلال حكم نظام أي ملك حيدر آباد قبل اندماجها مع جمهورية الهند. واستغرق بناء المتحف خمسة وثلاثين عامًا. وتوفّي صاحبه سالار جونغ في عام 1949م تاركا مجموعات المتحف في قصره فتم تحويله فيما بعد إلى متحف خاص للمعروضات النادرة، وبالتالي قررت أسرة سالار جونغ نقل المعروضات إلى الدولة في عام 1951م. وتم نقل المتحف من هذا المكان إلى موقع آخر داخل المدينة في مبنى جديد بناه المهندس المعماري محمد فياض الدين في عام 1968م. وحسب آراء الخبراء تضيع أو سُرق عدد كبير من القطع الفنية أثناء نقل المتحف من القصر إلى الموقع الحالي. وبالإضافة إلى كونه متحف الفنون تم أيضًا إعلانه مركزًا لحفظ المخطوطات العربية والفارسية والأردية والإنجليزية وغيرها في عام 2003م تحت رعاية المهمة الوطنية للمخطوطات لحكومة الهند.

المجموعات

تتكون المجموعة الفنية الهندية من لوحات مصغرة ولوحات حديثة ومنسوجات وعاج وأسلحة ودروع ومنحوتات حجرية ومنحوتات خشبية وأدوات معدنية ومخطوطات وكتب نادرة وغيرها. ويحتوي هذا القسم أيضًا على منحوتات من ولايتي تيلانغانا وآندهرا براديش القديمتين بالإضافة إلى لوحات من العصور الوسطى. وبعد بناء متحف سالار جونغ مؤسسة ذات أهمية وطنية، أضيفت إلى مجموعاتها العديد من أعمال الفنانين الهنود المعاصرين إلى المجموعة الأصلية. ويشمل المتحف أيضًا الأعمال الفنية من الشرق الأوسط وبالخصوص من بلاد فارس وسوريا ومصر التي تغطي مجموعة واسعة من السجاد والورق (المخطوطات) والسيراميك والزجاج والأواني المعدنية والأثاث واللاكر وما إلى ذلك. وتصوّر مجموعة من السجاد الفارسية التصويرية والسردية قصص كسرى وهي من بين الممتلكات الثمينة للمتحف. وتتكون المجموعة الأوروبية من أشياء فنية تتراوح من الأمثلة الممتازة للوحات الزيتية والأشياء الزجاجية الجذابة من الناحية الجمالية إلى قطع الأثاث النادرة والنماذج الرائعة للعاج وأدوات المينا والساعات. والتحفة الفنية الأكثر قيمة في المتحف هي ريبيكا المحجبة المنحوتة على الرخام من تصميم جي بي بنزوني اشتراها سالار جونغ الأول من إيطاليا في عام 1876م.

ومجموعات متحف سالار جونغ هي تعكس كيفية الحضارة الإنسانية التي تتراوح من القرن الثاني قبل الميلاد إلى أوائل القرن العشرين الميلادي. ويحتوي المتحف على مجموعة من أكثر من 46000 قطعة فنية، وأكثر من 8000 مخطوطة وأكثر من 60000 كتاب مطبوع. وتم تقسيم هذه المجموعة إلى الفن الهندي وفن الشرق الأوسط والفنون الفارسية والنيبالية واليابانية والصينية والغربية. وبالإضافة إلى ذلك، تم تخصيص غاليري أو صالة خاصة لعائلة سالار جونغ المعروفة "بـصالة المؤسس" كما تم تقسيم المعروضات إلى أكثر من 38 صالة عرض.

المخطوطات والكتب النادرة

تتضمن مجموعة المخطوطات النصوص المكتوبة على الورق والمنسوجات وأوراق النخيل والزجاج والخشب والحجر في لغات مختلفة مثل العربية والفارسية والأردية والتركية والدكنية والسنسكريتية والأردية والبوشتو والهندية والتيلوغو وهي تتناول أكثر من أربعة وثمانين موضوعًا مثل الفن والعمارة وعلم الآثار والعلوم الفيزيائية والبيولوجية والاجتماعية والآداب والتاريخ والسيرة والرحلة و غيرها من العلوم. وتضم المجموعة أيضًا أكثر من ألف وخمس مئة لوحة خطية وألبومات لوحات مصغرة تنتمي إلى مدارس الفن المختلفة. وتتناول المخطوطات أيضًا الديانات الهندية بما فيها الإسلام والهندوسية والمسيحية والبارسية وما إلى ذلك. وتجدر الإشارة إلى أنه لا يوجد سوى نسختين مصغرتين من القرآن الكريم في العالم، وتوجد إحداهما في إيران، والأخرى في متحف سالار جونغ ويبلغ حجمها 2.4 سم.

وتضم المكتبة مجموعة تضم أكثر من 2500 مخطوطة باللغة العربية، ومن أبرزها المؤلف النادر في الرياضيات بعنوان "شرح مختصر المختصر في الجبر". وفي علم الفلك، أقدم مؤلف في تحضير واستخدام الجلوب من القرن السادس عشر. وفي مجال الطب، تفتخر المكتبة بمخطوطات كتاب القانون في الطب لابن سينا. وكتاب حياة الحيوان، يُعدّ من المؤلفات المشهورة في مجال التاريخ الطبيعي. ويوجد في المكتبة عمل موسوعي هو رسائل إخوان الصفا وخلان الوفاء في مجال الفلسفة. ويعد كتاب التجريد في المنطق عملاً معروفًا في المنطق ألفه ناصر الدين الطوسي (1628م). كما تضم المجموعة مخطوطات في الفقه الإسلامي تتناول الأدعية عند الشيعة والسنة والفقه والتصوف. ويعد كتاب التعرف لمذهب التصوف مؤلفًا نادرًا يتناول مدخلا إلى أصول التصوف (دلهي 1675م). وأقدم مخطوطة في المعجم هي مخطوطة صحاح لأبي نصر (1218م). كما يتم اعتبار مخطوط ضياء القواعد مخطوطة نادرة في النحو العربي (1576م) وغيرها من المخطوطات النادرة.

ويوجد في المتحف حوالي 4700 مخطوطة باللغة الفارسية أبرزها مخطوطة روضة المحبين التي تحتوي على عشرين رسمًا تنتمي إلى تقاليد بخارى التي نسخها الخطّاط الشهير مير علي الهروي التبريزي. وأقدم مخطوطة في التفسير السني هي البصائر في الوجوه والنظائر من عام 1207م. وتوجد رسالة قيمة ومفيدة في التصوف تُنسب إلى أبي يزيد البسطامي. وهناك مخطوطات حول الفن والعلم والتنجيم والسحر والرماية أيضًا. كما توجد مخطوطة واحدة عن الزراعة والعديد من المخطوطات عن الأحجار الكريمة وشبه الكريمة. وفي فن الخط، يوجد بالمتحف العديد من المخطوطات، وفي فن الطبخ هناك مخطوطة بعنوان دستور پختان الأطعمة للإمبراطور شاه جهان وأيضًا توجد مخطوطات تتناول تحضير العطور والطب والصيدلة للإمبراطور. وتحتوي مجموعات المتحف على مخطوطات عليها ختم وتوقيعات الإمبراطور أكبر والإمبراطور أورنجزيب وابنة الإمبراطور شاه جهان، جهان آرا بيجوم. وهذه المجموعات والمعروضات من المخطوطات والكتب دليل على كون سالار جونغ الثالث وأسلافه من رعاة كبار للأدب.

وبالإضافة إلى المخطوطات والفنون القديمة، توجد في المتحف مكتبة غنية تحوي 62772 كتابًا مطبوعًا منها 41208 باللغة الإنجليزية و13027 باللغة الأردية و1108 بالهندية و1105 بالتيلجو و3576 باللغة الفارسية و2588 باللغة العربية و160 باللغة التركية. وتتضمن الكتب المطبوعة باللغة الإنجليزية مجلات علمية وألبومات لصور فوتوغرافية نادرة ونقوش قيمة. ومن السمات البارزة لهذه المجموعة الواسعة أنها تغطي عددًا كبيرًا من مجالات تتراوح بين الفن والعمارة وعلم الآثار والعلوم الفيزيائية والبيولوجية والاجتماعية والآداب والتاريخ والرحلة. كما يتضمن مجموعة من الكتب الدينية عن الإسلام والهندوسية.

اقرأ أيضًا: عادات وتقاليد المجتمع الإسلامي في ولاية آسام

فإن متحف سالار جونغ هو من المتاحف القليلة في الهند، والذي ذاع صيته في العالم لمجموعاته ومعروضاته النادرة التي جمعها صاحبها من مختلف أنحاء العالم وأنفق عليها مبالغ طائلة، مما يشير إلى اهتمام سالار جونغ الثالث بالعلم والفن. ويزوره الآن عدد كبير من الزوار من الهند وخارجها. وقد أصبح المتحف الآن من مركز البحوث العلمية في مختلف المجالات تحت رعاية الحكومة.

أ.د. رضوان الرحمن هو أستاذ بمركز الدراسات العربية والإفريقية ورئيسه سابقًا، جامعة جواهر لال نهرو، نيو دلهي