آواز دي وايس: نيو دلهي
يعد مهرجان "هولي" (عيد الألوان) أحد الاحتفالات الرئيسة في الهند لدى المجتمعات الهندوسية. ويصادف تاريخ حدوثه عادة في شهر مارس كل عام وفقًا للتقويم الهندوسي القمري. ويرتبط الاحتفال بموسم الحصاد وخصوبة الأرض ووداع فصل الشتاء وحلول فصل الربيع. فالهندوس يحتفلون بهذا المهرجان، عند اكتمال القمر في الشهر 12 من كل سنة، حسب التقويم الهندوسي.
وهناك عديد من الأساطير الهندوسية يرتبط بهذا المهرجان. ووفقًا لأسطورة، "فعادة ما يقوم الناس في اليوم السابق للاحتفال بإشعال النار تخليدًا لذكرى حرق هوليكا (Holika) التي استمد الهولي اسمه منها. وتقول الأسطورة الشهيرة إن الملك الطاغي الشرير هيرانيا كشاب قد غضب على ابنه براهلاد (Prahlad) وصب جام غضبه عليه لأن الابن كان قد وهب نفسه للإله فيشنو، ولذا أراد الملك أن يعاقبه، ولما فشل الملك في قتل ابنه فقد اقترحت أخته هوليكا التي كانت محصنة ضد النار بأن تجلس مع ابنه براهلاد على النار المشتعلة غير أن براهلاد خرج من النار سالما في حين أن النار حرقت هوليكا وحولت جسمها لرماد، ولذا يقوم الناس بإشعال النار لإحراق هوليكا في الليلة التي تسبق الهولي تعبيرًا عن حرق رموز الشر والتخلص منها. وعلى كل حال فإن الهولي لا يرتبط بأسطورة بعينها بقدر ما هو احتفال الألوان والزهور".
ويجري الاحتفال بعيد الألوان الشعبي الهندوسي في العديد من الدول الآسيوية التي ينتشر فيها أتباع الديانة الهندوسية وفي مقدمتها الهند، وكذلك بنغلاديش وسريلانكا ونيبال وباكستان، إضافة إلى عدد من البلدان في جميع أنحاء العالم، والتي تضم عددًا كبيرًا من أتباع الطائفة الهندوسية، مثل جنوب أفريقيا وسورينام وفيجي والمملكة المتحدة والولايات المتحدة وترينيداد وموريشيوس وغيرها.
ويرمز هذا المهرجان الهندوسي إلى انتصار الخير على الشر، والبهجة على الحزن، والحب على الكراهية. ويُقام المهرجان على مدار يومين، ففي اليوم الأول، تُشعل النيران في المساء، وذلك كرمز للتخلص من الشرور والطاقة السلبية. وفي اليوم الثاني، يخرج الناس إلى الشوارع والساحات العامة، ويصبغون وجوه بعضهم البعض بالمساحيق الملونة ويرمون بالونات الماء على أفراد العائلة والأصدقاء والأقارب والمعارف.
وبعد قضاء بعض الوقت في اللعب والتراشق بالألوان، يجتمع أفراد العائلات والأصدقاء ليتناولوا معًا أشهى الأطباق الخاصة التي يتم تجهيزها بهذه المناسبة. ويبدأ الاحتفال عند ساعات الصباح الأولى ويستمر حتى منتصف فترة ما بعد الظهر، ويمتدّ حتى الليل في بعض مدن الهند الأخرى.
وهناك العديد من الألوان التي يستخدمها المحتفلون بمهرجان هولي. ولكل لون رمزية خاصة؛ فاللون الأحمر يرمز إلى الحب والعاطفة، واللون الأزرق يرمز إلى السلام والهدوء، واللون الأخضر يرمز إلى النمو والخصوبة، واللون الأصفر يرمز إلى السعادة والفرح، بينما يرمز اللون البرتقالي إلى الطاقة والإبداع.
وفي هذه السنة 2024م، يشهد شهر مارس الاحتفال بعيدَين لطائفتين مختلفتين في الهند، حيث يصوم المسلمون شهر رمضان، وهذا الشهر الفضيل مقدس لديهم، وهذا هو الشهر الذي أنزل فيه القرآن هدى للناس وبينات من الهدى والفرقان، ويسعى المسلمون خلال هذا الشهر لعبادة الله أكثر من الشهور الأخرى، لأن الله سبحانه وتعالى يُضاعف الأجر والثواب في هذا الشهر الكريم. ويهتم المسلمون خلال شهر رمضان أيضًا بتجهيز أنواع من الأطباق الشهية واللذيذة اهتمامًا كبيرًا -ويبدو في بعض الأماكن والمدن وكأن هذا الشهر الفضيل بمثابة مهرجان الأغذية-، مثلما يهتم الهندوس بصنع أشهى الأطباق الخاصة احتفالاً بمهرجان هولي مثل: غوجيا، وداهي فادا، وتانداي، وباكورا، وملبوا.
ويشارك في هذا الاحتفال جميع أفراد المجتمع، بغض النظر عن العمر أو الدين أو الطبقة الاجتماعية. فيُرى حاليًا أن عددًا كبيرًا من المسلمين أيضًا يشاركون في الاحتفال بهذه المناسبة وذلك من أجل تعزيز الروح الاجتماعية، ونشر الوئام الطائفي بين مختلف أفراد المجتمع الهندي، فيُعدّ هولي رمزًا للوحدة والانسجام، والبهجة والسرور بين مختلف أفراد المجتمعات الهندية.
"يرمز هذا العيد إلى الديمقراطية والمساواة في الهند ففي هذا الاحتفال تذوب كافة الفوارق بين الناس ويشارك فيه الفتيان والفتيات والرجال والنساء من مختلف الديانات والطبقات حيث يشعر الجميع بأنهم سواسية لا فضل لأحد منهم على الآخر".