موهونا بانيرجي
يعد الخيزران –باستخداماته المتعددة بداية من صناعة الحرف اليدوية والبناء وصولاً إلى بعض طرق الاستشفاء الطبية- أحد المواد الطبيعية المتوفرة في الهند، ويتمتع بسوق رائج في المنطقة الشمالية الشرقية.
في عام 2004م، اتخذ رئيس وزراء الهند آنذاك السيد/أتال بيهاري فاجباي، مبادرةً لتعزيز استخدامات الخيزران في الهند وذلك خلال المؤتمر العالمي السابع للخيزران في نيو دلهي. وانطلاقًا من رؤيته بإمكانية استخدام نبات الخيزران المتواضع كوسيلة للتغيير، استطاع فاجباي أن يقدّم هذا النبات كنوع من الأخشاب أحدث ثورة ساهمت في تغير حياة الكثيرين.
ومن الجدير بالذكر أن الخيزران متغلغل بشكل كبير وطبيعي في الحياة اليومية لسكان شمال شرقي الهند. وفي الواقع، إن هذا النبات يقوم بدور محوري في التقاليد الثقافية والاجتماعية والاقتصادية لمنطقة شمال شرقي الهند. والجدير بالذكر أنه مع تحسين التواصل والوعي العالي، ومساعدة الحكومة، تطور الخيزران، على مر السنين، إلى صناعة حوّلت البيئة الاجتماعية والاقتصادية في شمال شرقي الهند.
واكتشفت البعثة الوطنية المعنية بتطبيقات نبات الخيزران من خلال دراسة استقصائية قامت بإجرائها أن الخيزران يشكِّل حوالي 12.8 في المئة من غطاء الغابات في الهند ويوجد ثلثا المخزون من الخيزران في الشمال الشرقي من البلاد. وبالنظر إلى النمو الكبير لنبات الخيزران في هذه المنطقة، نجد أن هناك العديد من الأشياء مصنوعة من الخيزران مثل الحصر التقليدية، واللوحات الأرضية، والقبعات، والسلال، والفخاخ السمكية وغيرها من المواد الأخرى التي ظهرت لاحقًا بعد أن اعترفت الحكومة بإمكانات الخيزران وأدخلت منتجاته إلى السوق العالمية.
ولقد أدّت الموارد الغنية من نبات السيلفان في شمال شرقي الهند، وتحديدًا في الغابات في تلال ميزو، ومناطق ميكير ونوجونج ولاخيمبور إلى وجود أنواع متنوعة من الخيزران مثل دالو بانه (دينوكلوا جراسيلس)، ومولي بانه (ديندروكالاموس ستريكتوس) التي توجد في مناطق كولسي وكريم غنج على التوالي. ويستخدم نوع مولي بانه في أغراض البناء، وخاصة في عمل الهياكل العام للمنازل بسبب صلابة جذوره، ويستعمل كذلك في عمل الأسوار والسقالات، بينما يُستخدم نوع الخيزران المعروف باسم دالو بانه في صنع الحصير والحرف اليدوية نظرًا لما تتمتع به السيقان من مرونة، وعلاوة على أنه كنبات يشكّل جزءًا لا يتجزأ من المطبخ في شمال شرقي الهند. ومن ثم، فإن استخدام الخيزران لا يقتصر فقط على أغراض البناء والزراعة.
ومن المثير للاهتمام أن ولاية آسام هي واحدة من الولايات في الهند التي تضم كميةً كبيرةً من الموارد لصناعة الخيزران لتزدهر مثل الصناعة في دول مثل كندا والنرويج وفنلندا. وينمو في ولاية آسام وحدها 50 نوعًا من الخيزران، ويتم تجهيز كمية كبيرة منها لصناعة منتجات الحرف اليدوية مثل الشالانيس (المناخل) التي يتم صناعة ثقوبها بشكل واسع باستخدام أعواد الخيزران بصورة متقابلة وتُستخدم هذه المناخل في نخل الأرز وأوراق الشاي.
وتعد ولاية تريبورا هي الأخرى من الولايات المهمة في زراعة الخيزران، وتتمتع بأهمية كبيرة في زراعة نبات الخيزران، فتشهد هذه الولاية ازدهار نمو الخيزران في جميع أنحاء المناظر الطبيعية لها، حيث تغطي غابات الخيزران حوالي 2739 كيلومترًا مربعًا في الولاية.ووفقًا للبيانات الصادرة عن الولاية، فإن هناك ما يقرب من 276 ألف أسرة في ولاية تريبورا تعمل في مهن مرتبطة بالخيزران. وبغض النظر عن الطموحات الفنية المتعلقة بالإبداعات الفنية باستخدام الخيزران، نجد أن استخدامات الخيزران –التي تتنوع ما بين صناعة البلاط الحديث، والألواح الخشبية، والسبورات الخشبية والأثاث-قد حقّقت نجاحًا تجاريًا وبيئيًا كبيرًا. كما أن الخيزران هو البديل الأرخص والأفضل للأخشاب.
وبمساعدة برنامج تريبورا للخيزران، شهد معدل عائدات القطاع في الولاية زيادة كبيرة من 90 .27 مليار روبية في عام 2007-2006 إلى 56 .115 مليار روبية في عام 2013-2012م. وتوجت الزيادة الهائلة في نصيب صناعة الخيزران في الاقتصاد الهندي بإنشاء مجمع صناعة الخيزران في ضواحي مدينة أجارتالا عاصمة ولاية تريبورا.
اقرأ أيضًا: ولاية كيرالا من أهم الوجهات السياحية في الهند
وبالنظر إلى تنوع استخدام الخيزران، بدأ الناس في منطقة شمال شرقي الهند في استخدامه في الآلات الموسيقية المستخدمة في عروض الرقص التقليدي. وفي ناجالاند، يقوم الناس باستخدام أنواع الخيزران الرقيقة في صناعة آلات النفخ والفلوت وجسم الكمان، وكذلك الآلات الموسيقية الشعبية التي تستخدمها قبيلة أوس في ناجالاند. ومن ناحية أخرى، يستخدم الخيزران في رقصة الشيراو في ميزورام، التي يقوم بأدائها أربعة أشخاص باستخدام زوجين من عصى الخيزران، وتعد هذه الرقصة إحدى أكثر الرقصات شهرةً في شمال شرقي الهند، خلال المناسبات الاحتفالية.