بوني

في ولاية مهاراشترا، التي يقطنها عدد كبير من المسلمين وتشهد تقليدًا راسخًا في إقامة موائد الإفطار من قِبل السياسيين والنشطاء الاجتماعيين خلال شهر رمضان، اغتنمت شرطة مدينة بوني هذه المناسبة لتعزيز علاقاتها مع المسلمين المحليين، وتقديم نموذج يُحتذى به في التفاعل الإيجابي مع المجتمع.

مؤخرًا، نُظّمت مأدبة إفطار متميزة في مدينة بوني، العاصمة الثقافية لولاية مهاراشترا. ويُعرف حي "كوثر باغ" في منطقة كوندهوا، أكبر وأشهر منطقة ذات أغلبية مسلمة في المدينة، بثقافته الغذائية الفريدة، حيث يتوافد الناس من مختلف أنحاء بوني للاستمتاع بأطباقه الشهية.

ويضم حي كوثر باغ أكبر مسجد في مدينة بوني، ويُعد مركزًا دينيًا واجتماعيًا مهمًا في المنطقة. ورغم ذلك، يتعرض الحي أحيانًا لتغطيات إعلامية سلبية، ما يدفع الشرطة المحلية إلى اتخاذ تدابير احترازية خاصة. وفي إطار تعزيز العلاقة بين الشرطة والمجتمع المسلم المحلي، وبناء جسور من الثقة المتبادلة، تُنظّم على مدار العام العديد من البرامج التفاعلية، وتُعدّ موائد الإفطار الرمضانية من أبرز هذه المبادرات.

نظّم قسم المنطقة 4 بشرطة بوني مأدبة إفطار في ساحة مسجد كوثر باغ، والتي أصبحت أكبر فعالية إفطار في المدينة، بمشاركة ما بين 800 إلى 1,000 من المسلمين المحليين. وقد نُظّمت المأدبة بالتعاون بين شرطة بوني وبيت المال المركزي في منطقة كوثر باغ بمدينة كوندهوا

وحضر مفوض شرطة بوني، أميتيش كومار، الفعالية إلى جانب المفوض المشترك للشرطة، راج كومار شارما، والمفوض الإضافي للشرطة (القطاع الشرقي)، مانوج باتيل، وعدد من كبار مسؤولي الشرطة. وكان نائب مفوض الشرطة للمنطقة الخامسة، راج كومار شيندي، هو المنظم الرئيس لهذا الحدث

وأُقيم البرنامج في ساحة مسجد كوثر باغ، التي امتلأت بالحضور من الشخصيات المسلمة البارزة. وشارك كبار ضباط شرطة بوني في الفعالية، إلى جانب عدد من الشخصيات المسلمة المحلية، وأعضاء المجالس البلدية الحاليين والسابقين.

وأدارت البرنامج تحسين بيغ، وهي شابة مسلمة عُيِّنت مؤخرًا كمفتشة مساعدة للشرطة، وقد أُوكلت إليها هذه المهمة بهدف إلهام أفراد المجتمع المسلم، ولا سيما الشباب.

وأعرب مفوض شرطة بوني، أميتيش كومار، في كلمته أمام الحضور، عن شكره العميق للمجتمع المسلم على مشاركته الواسعة في الفعالية، مؤكدًا على أهمية تعزيز التعاون بين الشرطة والمجتمع المحلي

وسلّط الضوء على أهمية الجهود المشتركة لمواجهة قضايا مثل تعاطي المخدرات وعنف العصابات في المنطقة. كما أوضح أن تعاون السكان يعد عاملًا أساسيًا في القضاء على الأنشطة غير القانونية وضمان الأمن والاستقرار في المنطقة. ويشهد حي كوثر باغ خلال شهر رمضان إقبالًا واسعًا من الزوّار القادمين من مختلف أنحاء الولاية لزيارة الأكشاك الغذائية، ما يؤدي إلى ازدحام كبير في المنطقة. وقد أكد مفوض الشرطة أن الأجهزة الأمنية ستقدم الدعم الكامل للتجار المحليين والسكان طيلة هذه الفترة.

ومع إعلان موعد الإفطار، قدّم مفوض الشرطة التمر لطفلتين صغيرتين وشاركهما وجبة الإفطار، في لفتة إنسانية مؤثرة. كما شارك كبار ضباط الشرطة الحاضرين على المنصة أبناء المجتمع المسلم مائدة الإفطار.

وخلال الفعالية، قام مفوض شرطة بوني، أميتيش كومار، بتكريم تحسين بيغ، التي عُيِّنت مؤخرًا كمفتشة مساعدة للشرطة، تقديرًا لدورها الملهم".

وقد لقيت مبادرة الشرطة إشادة واسعة، حيث قدّمت نموذجًا يُحتذى به في التفاعل الإيجابي مع المجتمع المسلم، لما لها من دور ملهم في تحفيز الشباب وتعزيز التمثيل الإيجابي للمرأة المسلمة داخل جهاز الشرطة.

وتعليقًا على تكريمها، قالت تحسين بيغ: "شعرت بفرحة غامرة عندما كرّمني مفوض الشرطة أمام أبناء مجتمعي. أنا سعيدة جدًا، وأشعر الآن بأن مسؤولية أكبر تقع على عاتقي".

وعن الهدف من هذا التكريم، قالت تحسين بيغ: "كانت الفكرة إيصال رسالة إيجابية للمجتمع مفادها أن أي شخص من أسرة مسلمة عادية يمكنه تحقيق نجاح كبير من خلال الجد والاجتهاد. وكان الهدف أيضًا إلهام الفتيات الأخريات في المجتمع ليسلكن هذا الطريق. وأنا ممتنة لكبار الضباط على هذا التكريم".

كما أعربت عن أملها في أن يُقبل المزيد من الشباب المسلمين على التعليم والاستعداد للامتحانات التنافسية، ليصبحوا ضباطًا يسهمون في خدمة المجتمع والوطن.

وأوضح سليم شيخ، أحد أوصياء مسجد كوثر باغ ومن كبار الناشطين الاجتماعيين في المنطقة، الهدف من الفعالية، قائلاً: "تُعدّ كوندهوا أكبر منطقة ذات أغلبية مسلمة في بوني، وبسبب الكثافة السكانية العالية، غالبًا ما تكون البنية التحتية الأساسية غير كافية، مما يستدعي تدخل الشرطة لمعالجة العديد من القضايا، بما في ذلك تنظيم حركة المرور. وفي المقابل، تحتاج الشرطة أيضًا إلى تعاون المجتمع المسلم للحفاظ على القانون والنظام العام. وخلال شهر رمضان، يزداد عدد الزوار إلى المنطقة بشكل ملحوظ، وفي مثل هذه الأوقات لا يمكن للمجتمع أو الشرطة وحدهما التعامل مع الوضع، لذا من الضروري أن يعمل الطرفان معًا. وقد جاء تنظيم هذا الحدث تجسيدًا لهذا الهدف".

اقرأ أيضًا: الأطباق الرمضانية التقليدية على موائد الإفطار في مختلف ولايات الهند

وتأكيدًا على أهمية هذا الحدث، أضاف سليم شيخ: "غالبًا ما يسود شعور بالخوف وانعدام الثقة تجاه الشرطة داخل المجتمع المسلم. وقد دأبت إدارة الشرطة على بذل جهود حثيثة لتجسير هذه الفجوة، مدعومة في ذلك بتعاون المنظمات الاجتماعية المسلمة. وكانت مأدبة الإفطار اليوم جزءًا من هذه المبادرة، وقد شكّل الحضور الطوعي لمئات السكان دليلًا واضحًا على نجاحها. ومن الضروري أن تواصل الشرطة والمجتمع المسلم العمل معًا بروح الشراكة نفسها، من أجل نهضة المجتمع وضمان أمن وازدهار المنطقة والوطن بأسره".