مكر سانكرانتي: فن الحرفيين ومهرجان الطائرات الورقية الملونة في جايبور

14-01-2025  آخر تحديث   | 14-01-2025 نشر في   |  آواز دي وايس      بواسطة | آواز دي وايس 
مكر سانكرانتي: فن الحرفيين ومهرجان الطائرات الورقية الملونة في جايبور
مكر سانكرانتي: فن الحرفيين ومهرجان الطائرات الورقية الملونة في جايبور

 

فرحان إسرائيلي/جايبور

تحليق الطائرات الورقية له تاريخ طويل في الهند منذ العصور القديمة. يتم الاحتفال بهذا المهرجان في جميع أنحاء البلاد بأشكال مختلفة. فمن جهة، تعد الطائرات الورقية وسيلة للترفيه، ومن جهة أخرى، تحمل أهميةً ثقافية ودينية في العديد من الأماكن. وإن مدينة جايبور، المشهورة بثقافتها الجامعة بين مختلف المجتمعات، لا تقتصر أهمية الطائرات الورقية فيها على الجانب التاريخي فحسب، بل أصبحت رمزًا للوحدة والتآخي بين مختلف أطياف المجتمع.

وجايبور لها علاقة عميقة بفن تحليق الطائرات الورقية، وهي تقليد يعود إلى عصر الملوك والأمراء. ويُحتفل بهذا المهرجان بشكل خاص بمناسبة "مكر سانكرانتي" بفرح وحماس كبيرين. في هذا اليوم، تزين الطائرات الورقية الملونة السماء الزرقاء لجايبور، ولا تقتصر على كونها مشهدًا جميلاً، بل تعكس مثالاً رائعًا للتعايش الثقافي والوحدة بين مختلف المجتمعات.

وهنا يحتفل كل من المجتمعين الهندوسي والمسلم بهذا التقليد على قدم المساواة، مما جعله رمزًا للوئام الطائفي في هذه المدينة.

هانديبورا: مركز سوق الطائرات الورقية 

يقع سوق هانديبورا في المدينة القديمة لجايبور، وهو أحد أبرز المواقع المرتبطة بفن الطائرات الورقية، حيث يوجد سوق للطائرات الورقية يعود تاريخه إلى 150 عامًا. وبمناسبة "مكر سانكرانتي"، تتزين متاجر هذا السوق بالطائرات الورقية الملونة التي تملأ السماء طوال اليوم. ويقوم الحرفيون المسلمون بصناعة وبيع الطائرات الورقية في سوق هانديبورا بشكل رئيس.

ويشتهر حرفيو هانديبورا في جميع أنحاء البلاد بمهاراتهم. وكان مهراجا جايبور ساواي رام سينغ قد تبنّى فن الطائرات الورقية كجزء من تقاليده الملكية، وحرص على نشره بين عامة الناس. ومنذ ذلك الحين، أصبح هذا التقليد يُحتفل به بحماس كبير كل عام في مهرجان "مكر سانكرانتي".

فن صناعة الطائرات الورقية التقليدي 

ويعتبر حرفيو جايبور صناعة الطائرات الورقية فنًا تقليديًا متوارثًا. تُصنع الطائرات الورقية باستخدام أساليب تقليدية بالكامل، مع استخدام مواد مثل الورق، وعصي الخيزران، والخيوط، ومعجون مصنوع من الطحين. وقد تستغرق صناعة طائرة ورقية واحدة يومًا كاملًا، ويعمل في هذه العملية عادةً أربعة إلى خمسة أشخاص معًا.

 وتم توارث هذا الفن من جيل إلى جيل على مدار قرون، حيث كرس العديد من الحرفيين حياتهم بالكامل لهذا المجال.

يمكن أن تُدهش أي شخص تنوع الطائرات الورقية في جايبور. هنا تُصنع الطائرات الورقية بمختلف الأحجام، من الصغيرة إلى الكبيرة، وتبقى هناك دائمًا طلبات على أنواع متعددة منها. بعض البائعين يقومون خصيصًا بتصميم طائرات ورقية تحمل صور المشاهير.

فإن عبد الغفور الأنصاري، البالغ من العمر 73 عامًا وهو موظف حكومي متقاعد، يوضح أنه صنع طائرات ورقية تحمل صور أفراد العائلات الملكية، ومناضلي الحرية، والشخصيات الدولية. ولديه مجموعة كبيرة من الطائرات الورقية التي تحمل صور قادة وشخصيات مشهورة. ويقول إنه لا يقوم بذلك كعمل تجاري، بل كهواية يحبها ويرغب في الاستمرار بممارستها طوال حياته.

وفي الوقت الحاضر، لم يعد صناعة الطائرات الورقية مقتصرة على الأسواق المحلية فقط. . فقد بدأ صانعو الطائرات الورقية في جايبور بتوزيع منتجاتهم عبر المنصات الإلكترونية. وقد أصبحت الطائرات الورقية من جايبور شائعة جدًا في الخارج أيضًا. كما تُباع الطائرات الورقية المستوردة من دول مثل تايلاند والصين في أسواق جايبور.

وإن عبد الحميد، الذي يدير متجره في هانديبورا، يوضح أن لديه مجموعة واسعة من الطائرات الورقية الأجنبية، بما فيها طائرات ورقية على شكل تنانين وجنيات وشخصيات كرتونية. تتراوح أسعار هذه الطائرات الورقية بين 200 روبية و5000 روبية.

فن صناعة الطائرات الورقية لمحمد شاهد

يعمل محمد شاهد، المقيم في منطقة "أجميري غيت" في جايبور، في صناعة الطائرات الورقية منذ 70 عامًا. إنه تعلّم هذه الحرفة في أحمد آباد بولاية غوجارات. ويقول إنهم يمكنهم إنتاج حوالي 900 طائرة ورقية من رزمة واحدة من الورق. 

وإن عائلة شاهد تواصل الحفاظ على هذه الحرفة التقليدية، حيث يقومون الآن بصناعة ما بين 300 ألف إلى 400 ألف طائرة ورقية خلال موسم "مكر سانكرانتي". وتحظى الطائرات الورقية التي يصنعها بطلب كبير بين القادة، والوزراء، والشخصيات المرموقة.

الطائرات الورقية في سياحة راجستان 

ينظم قسم السياحة في جايبور كل عام مهرجانًا خاصًا لتحليق الطائرات الورقية على ضفاف بحيرة قصر جال محل، ويشارك فيه جميع سكان المدينة. ويهدف هذا المهرجان إلى دعم الحرفيين المحليين والتجار، وتعزيز السياحة من خلال الترويج لهذه الرياضة الملونة والمثيرة. 

اقرأ أيضًا: حديقة كازيرانغا الوطنية–أحد مواقع التراث العالمي في الهند

وتعد تقاليد تحليق الطائرات الورقية في جايبور أكثر من مجرد وسيلة للترفيه، فهي رمز للوحدة الطائفية والوئام في المدينة. وتشكل جزءًا أساسيًا من الحياة الاجتماعية والثقافية لهذا المدينة.