محبوب عالم/نيودلهي
يعد النسيج الغني للثقافة الهندية الشاملة قويًا. وإن الهند لم تكتفِ باحتضان الأديان المختلفة وأتباعها فحسب، بل وفرت لهم البيئة المناسبة للازدهار والنمو.
صرّح بذلك شيخ الجامعة الملية الإسلامية الأستاذ الدكتور مظهر آصف، وهو يلقي كلمة ترحيبية في المؤتمر الدولي ليومين بعنوان "دارا شكوه: التعددية الثقافية والوئام بين الأديان"، والذي ينظمه مركز نيلسون مانديلا للسلام وحل النزاعات بالجامعة الملية الإسلامية، بالتعاون مع مركز دراسات الفارسية وآسيا الوسطى بكلية دراسات اللغة والأدب والثقافية بجامعة جواهر لال نهرو، ومؤسسة دارا شكوه للأبحاث، وذلك يومي 27 و28 نوفمبر 2024م.
وتحدثًا عن شخصية دارا شكوه وإسهاماته، أكّد شيخ الجامعة ورئيس المؤتمر الأستاذ مظهر آصف: "لا توجد دولة تضاهي الهند، هذه الأرض التي أنجبت شخصيات مثل كبير، ورحيم، ورَسْ خَانْ، حيث ازدهر "جانجا جموني تهذيب" (والذي يعني بقاء المرء في دينه، مع الإيمان بدين شخص آخر في نفس الوقت) والعقلية الشاملة. ولقد ساهم المنظور الفريد لهذا البلد في ظهور شخصيات مثل دارا شكوه، الذي حظي بالمودة من عامة الناس".
وأضاف قائلاً إن الطريقة التي تم بها احتضان اللغة الفارسية ونشرها في الهند دفعت العديد من الأشخاص من تلك المناطق إلى السفر إلى هنا لتعلم اللغة وفهمها من مصدرها. وتتميز الهند باحترامها للغات والثقافات المختلفة من جميع أنحاء العالم.
كما أشار شيخ الجامعة، خلال كلمته في الجلسة الافتتاحية، إلى التاريخ العريق للجامعة وجّدد عزمه على الارتقاء بها إلى آفاق جديدة.
وقدّم الأستاذ الدكتور محمد مهتاب عالم رضوي، مسجّل الجامعة الملیة الإسلامیة ومدير المؤتمر، تعريفًا عن المؤتمر، وتحدث عن أهدافه وأهميته في العصر الراهن.
كان دارا شكوه شخصية استثنائية جسّدت روح الوحدة والتسامح عبر الحدود الثقافية والدينية. كان دارا شكوه (1615 - 1659م) عالمًا متميزًا ومترجمًا ومؤيدًا للتعاون بين الأديان. وسعى إلى التوفيق بين التقاليد الروحية للإسلام والهندوسية من خلال أعماله مثل "مجمع البحرين" و"سر الأسرار". ولا تسلط هذه الأعمال الضوء على معرفته الواسعة فحسب، بل تظهر إخلاصه لتعزيز الانسجام في التنوع. ولا يزال دارا شكوه مصدر إلهام للكثيرين ممن يبحثون عن سبل لتعزيز التفاهم والسلام من خلال دراسة التعاليم المشتركة بين الأديان المختلفة.
ويهدف هذا المؤتمر إلى استكشاف استكشاف حياة دارا شكوه وأفكاره وإنجازاته الفكرية وأهميتها في عالمنا اليوم، مع تسليط الضوء على موضوعات مثل الوئام بين الأديان، والتعددية الثقافية، والحوار بين الأديان، والدراسة المقارنة للتصوف الإسلامي والهندوسي وما إلى ذلك.
وشارك سفير الجمهورية الإسلامية الإيرانية لدى الهند، السيد إيراج إلهي في المؤتمر كضيف شرف، والذي وصف دارا شكوه بأنه رائد السلوك والعرفان ورمز الوحدة في التعايش السلمي بين الشعوب.
وألقى الأستاذ الدكتور أخلاق أحمد، رئيس مركز دراسات الفارسية وآسيا الوسطى بجامعة جواهر لال نهرو، خطابًا رئيسًا تحدث فيه بإسهاب عن مختلف جوانب حياة دارا شكوه وإسهاماته في ترجمة الأوبنشاد إلى اللغة الفارسية، مما ساهم في فهم أفضل للأديان.
وسلّط الدكتور محمد شمس إقبال، مدير المجلس الوطني لترويج اللغة الأردية التابع لوزارة التعليم، ضوءًا كاشفًا على السمات المميزة لشخصية دارا شكوه.
وشهد الحدث أيضًا مشاركة سفير جمهورية أوزبكستان لدى الهند السيد سردار ميرزايُسوبوفيتش رستمباييف كضيف شرف، إلى جانب أعضاء هيئة التدريس من الجامعة الملیة الإسلامیة وجامعة جواهر لال نهرو، إضافةً إلى الطلاب والباحثين والمهتمين بالدراسات الفارسية والثقافات...
ويُشار إلى أن أكثر من خمسين ضيفًا من أوزبكستان، وطاجيكستان، وكازاخستان، وإيران وغيرها من الدول الأجنبية يشاركون في المؤتمر بأوراق علمية. كما سيشهد الحدث تقديم أكثر من 120 ورقة بحثية، خلال أعمال المؤتمر الذي يستمر يومين.
وتجدر الإِشارة إلى أنه تم تدشين العدد الأول من مجلة "دارا دربن" (باللغتين الفارسية والهندية) التي تصدرها مؤسسة دارا شكوه للأبحاث، إضافة إلى تدشين موقعها الإلكتروني.
كما شهدت فعاليات المؤتمر تدشين كتاب "الكلمات المشتركة بين اللغتين الأردية والأوزبكية" من تأليف الدكتور شهباز عامل (أستاذ مساعد بمركز دراسات الفارسية وآسيا الوسطى بجامعة جواهر لال نهرو) والدكتور قرة العين (باحث بالجامعة الملية الإسلامية).
اقرأ أيضًا: من هو الأستاذ مظهر آصف الذي عُيِّن شيخَ الجامعة الملية الإسلامية المرموقة؟
واختُتمت الجلسة الافتتاحية بكلمة شكر رسمية ألقاها الدكتور محسن علي، أستاذ مشارك في الجامعة الملیة الإسلامیة، منسق المؤتمر وعضو مجلس الأمناء بمؤسسة دارا شكوه للأبحاث.